أو مفهوم الوجود منه ؛ فقد كنّا عرّفناك من قبل : أنّ الوجود نفس كون الماهيّة وموجوديّتها ، لا ما به الموجوديّة ، أى : أمر به تكون الماهيّة. وكذلك عدم الشّيء فى نفسه هو نفس انتفاء ذاته ، لا انتفاء أمر عن ذاته هو الوجود على خلاف عدم صفة من صفات الشّيء ؛ فإنّه عبارة عن انتفاء شيء عن شيء. فإذن الإيجاب فى الهليّات البسيطة تجوهر شيء أو ثبوته ؛ والسّلب ليسيّة شيء أو انتفاؤه.
والإيجاب فى الهلىّ المركّب ثبوت شيء لشيء ، والسّلب انتفاء شيء عنه.
وليس فى العقد الهلىّ البسيط رابطة وراء النّسبة الحكميّة. والمحمول فيه بسيط هو المتقرّر أو الموجود ، ولا يعتبر فيه وجود أو عدم رابط ؛ إذ لا يقصد وجود المحمول للموضوع ، بل تحقّق الموضوع فى نفسه فى موجبه ، وانتفاء ذاته فى ذاته فى سالبه. فليس هناك إلاّ نسبة واحدة ، والحكاية بها ليست إلاّ عن ذات الموضوع الواقعة.
وأمّا العقد الهليّ المركّب ، كقولنا : الفلك متحرّك ؛ ففيه نسبتان ، إحداهما الوجود أو العدم الرّابط ، إذ ما يرومه الرّائم هناك هو وجود شيء لشيء أو انتفاء شيء عن شيء.
فتلحظ للوجود نسبة إلى موضوعه. ثمّ للمجموع إلى متعلّق موضوع الوجود نسبة اخرى هى النّسبة الحكميّة اللاّزمة فى جميع العقود ؛ فإن جعل المحمول موضوع الوجود كان الوجود ينتسب إلى المحمول ، ثمّ ينسب المجموع إلى الموضوع بالنّسبة الحكميّة ، فيقال : إنّ وجود هذا المحمول له وإن جعل موضوعه الموضوع ، كأن ينسب الوجود إلى الموضوع ، ثمّ يربط المحمول بالمجموع بالنّسبة الحكميّة ، فيقال : إنّ وجود الموضوع على صفة كذا. وذلك فى الموجبات.
وفى السّوالب تلحظ نسبة العدم إلى ما يعتبر موضوعا له. ثمّ ينسب المجموع إلى متعلّق موضوع العدم : فإن اعتبر المحمول موضوعا له نسب العدم إلى المحمول ؛ ثمّ المجموع إلى الموضوع بسلب النّسبة الحكميّة الإيجابيّة ، فيقال : لا يوجد للموضوع هذا المحمول. وإن اعتبر الموضوع ذلك نسب العدم إلى