<٣> إيقاظ
القيّوم الواجب بالذّات لا يجوز أن يكون مكافئ الذّات لقيّوم واجب وجود آخر لو فرض أنّه يكون ـ تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا ـ حتّى يكون هناك علاقة عقليّة يلزم بحسبها أن يكون هذا متقرّرا مع ذلك وذاك مع هذا. وليس أحدهما علّة للآخر ، بل هما متكافئان فى أمر لزوم التّقرّر والوجود.
أليس إذا كان واجبا بذاته وكان له وجوب أيضا باعتباره مع الثّاني كان ذلك الوجوب إمّا بالثّانى ـ والقيّوم الواجب بالذّات لا يمكن أن يعرضه الوجوب بالغير ـ أو بالقياس إلى الثّاني ، والوجوب بالقياس إلى الغير ليس يكون للشّيء إلاّ بالقياس إلى ما هو علّة أو معلول له ، أو ما هو معه فى معلوليّة علّة واحدة قد جمعتهما بعليّة واحدة.
فقد استبان لك ، من قبل ، أنّه لا وجوب بالقياس إلى الغير ريثما ليس يتحقق علاقة عليّة إيجابيّة أو معلوليّة وجوبيّة بوجه. فإذن يلزم أن يكون أحدهما معلولا أو هما معا معلولين وقد كانا فرضا قيّومين واجبى الوجود ، تعالى القيّوم الواجب بالذّات عن ذلك.
فإذن ، يجب أن لا يتبع تقرّره ووجوده تقرّر الآخر ولا يلزمه ، بل لا يكون له فى تقرّره ووجوده علاقة بالآخر بالتّكافؤ ، وكان كلّ منهما لا يأبى ذاته أن يتقرّر ويوجد وليس يتقرّر ويوجد بالنّظر إلى ذاته وإن كان كلّ يجب أن يتقرّر ويوجد بالنّظر إلى ذاته ، ويمتنع بذاته أن لا يتقرّر ولا يوجد. فالوجود بالذّات بما هو وجوب بالذّات لا يأبى طباع مفهومه أن يكون الواجب بالذّات ، له الإمكان بالقياس إلى الغير وإنّما يمتنع ذلك ويلزم الوجوب بالقياس إلى الغير بلحاظة علاقة اللّزوم من حيث لحاظ العليّة ومطلق حيثيّة الوجوب بالقياس إلى الغير بحسب علاقة العليّة بالإيجاب أو المعلوليّة بالوجوب أو التّعلّق بعلّة واحدة فى عليّة واحدة إيجابيّة.
<٤> تحصيل قدسيّ
إنّ القيّوم الواجب بالذّات ليس يمكن أن يأتلف ذاته من كثرة عينيّة أو ذهنيّة ، فعليّة أو تحليليّة. ويعبّر عن ذلك بسبب منه ، كما يعبّر عن الجاعل والموجب