من هذه الحيثيّة. وإن كان هناك ضرورة لأحد الطرفين بالنّظر إلى الخصوصيّات فليس ذلك ممّا يبطل الإمكان بالذّات.
ومن ارتكب امتناع المركّب من الممتنعين أو النّقيضين بما هو مركّب امتناعا ذاتيّا فقد ركب شططا بعيدا. وفرقه بين المركّب من ممتنعين والمركّب من واجبين مفروضين بتسليم الإمكان فى الثّاني دون الأوّل أبعد من ذلك بعادا شديدا.
ثمّ ما يقال : «إنّ جهة الامتناع فى المركّب من النّقيضين أو الضّدّين هو الاجتماع ، لا ذاتا الجزءين بخصوصهما ؛ إذ الاجتماع نسبة ومطلق النّسبة إنّما يفتقر إلى الطرفين بحسب الوجود ، لا بحسب العدم ؛ إذ قد يتحقق شيئان ، ولا نسبة بينهما. وكذلك الاجتماع بخصوصه ؛ إذ يمكن عدمه مع تحقّق الطرفين على سبيل التّعاقب. وكذلك أمكن أن يكون اجتماع النّقيضين ضرورىّ طرف العدم بذاته وإن كان ممكن طرف الوجود لذاته».
فإنّه وهم سخيف كاد يكون من السّخافة فى خسّة تستكبر عن نسجها عناكب الأوهام الإنسانيّة. ألم يكن من البيّن عند من تفوّه به أنّ ضرورة أحد الطّرفين بالنّظر إلى ذات شيء ما مساوق امتناع الطرف المقابل بالنّظر إلى ذاته.
<٤> وهم ودفاع
إن اختلج فى صدرك : «أنّه لو كان المركّب من الممتنعين ممكنا بالذّات كان علّة عدمه عدم علّة وجوده. فتلك شاكلة الإمكان فى المعلوليّة ، وعلّة الوجود للكلّ هى علّة وجود الجزء ، ولا يتصوّر أن يعلّل وجود شيء من أجزائه لعدم الإمكان. وأيضا ، الممكن ليس له بدّ من أن يكون علّة مستقلّة بالتّأثير خارجة عن نفسه لوجوده وعدمه. ومجموع الممتنعين لا يكون له علّة خارجة عن نفسه ، ولا يكون عدم كلّ من جزئيه علّة مستقلّة لعدمه ، وإلاّ يلزم التّوارد ، ولا عدم أحد الجزءين بخصوصه ، لئلاّ يلزم التّرجيح لا لمرجّح».