ذات الملزوم إمكانا ذاتيّا. وليس يصادم ذلك امتناع تحقّقه لا معه بالنّظر إلى ذات اللاّزم وبحسب الواقع. فلعلّ اللّزوم هاهنا مقتضى ذات اللاّزم أو ثالث ؛ ولعلّه لزوم وقوعىّ ، لا ذاتىّ.
<٦> استيناف
ربما حكم بأنّ فى الممكنات المعقولة ما هو مستلزم لمحال بالذّات.
وحوول تبيانه : بأنّه يصدق قولنا : «كلّما كان واجب التّقرّر والوجود مستمرّ الوجود كان المعلول الأوّل مستمرّ الوجود ، ومتى صدق صدق عكس نقيضه». وهو قولنا : «كلّما لم يكن المعلول الأوّل مستمرّ الوجود لم يكن واجب التّقرّر والوجود مستمرّ الوجود». فهناك استلزام الممكن المحال بالذّات ؛ لأنّ عدم المعلول الأوّل ممكن فى ذاته ، وعدم واجب التقرّر والوجود محال بالذّات.
وبأنّ استلزام المحال الممكن كلّيّا وجزئيّا جائز ، بل واقع فى حكم العقل. وإذا كان كذلك جاز بل وقع استلزام الممكن المحال جزئيّا بحكم العكس.
والثّاني قول مغلّط يفضحه : أنّ الاستلزام الجزئىّ ليس باستلزام بالحقيقة ؛ لأنّ المقدّم وحده لو كان هو المستلزم للتّالى. فأينما وجد وفرض المقدّم وجد التّالى ، فيكون كليّا وقد فرض جزئيّا ، فهو خلف ؛ وإن كان هو مع شيء آخر يستلزم التّالى ، فإذن ، لا يكون هو وحده مقدّما وقد فرض وحده مقدّما ، فهو أيضا خلف.
وبعض من يحمل عرش التّحصيل والتّحقيق يضع أنّ الأوّل أيضا يفضح : بأنّ استلزام عدم المعلول الأوّل (٩٣) عدم واجب التّقرّر والوجود لذاته ليس يستوجب استلزام الممكن المحال بالذّات ؛ فإنّه إنّما استلزم عدم عليّة العلّة الأولى فقط ، لا عدم ذات العلّة الأولى.
فإنّ ذات المبدأ الأوّل لا تتعلّق بالمعلول الأوّل لو لا الاتّصاف بالعليّة ، لكون المبدأ الأوّل واجبا لذاته ممتنعا على ذاته العدم ، سواء كان لذاته معلول أو لم يكن.
فإذن ، لم يستلزم الممكن محالا إلاّ بالعرض أو بالاتفاق. وهو عدم كون العلّة