باللّيس وإن كان متقدّما على تقرّره بالفعل. لكنّه ليس ممّا يتوقف عليه الإبداع ، بخلاف كون الشّيء بحيث لو تقرّر كان شأن ذاته لا ضرورة التقرّر واللاّتقرّر ؛ فإنّه كما يتقدّم على التّقرّر تقدّما بالذّات. فكذلك يتقدّم بالذّات على تقرّر ذات الشّيء وإبداع جوهره. وكذلك بالقياس إلى الوجود والإيجاد.
فإذن ، قد تميّز شأن الإمكان عن ديدن الحدوث ، على أنّ ذلك التّفسير للحدوث ليس يصحّ كما يصحّ للإمكان ، وإلاّ لصحّ الحكم بحدوث المعدوم بالفعل فى لحاظ العقل بحسب طرف العدم كما يصحّ بإمكانه. ولعلّ السّرّ ينقبض عنه إلاّ أن يكون مئوفا؟
فإذن ، قد اتّضح أنّ الإمكان اعتبار يسبق الحاجة المتقدّمة على الجعل السّابق على فعليّة التّقرّر والوجود ، والحدوث وصف يلحق الفعليّة المتأخّرة عن الحاجة لا بمرتبة واحدة ، فانسلبت عليّة الحاجة مطلقا عن الحدوث وتعيّنت للإمكان.
وأمّا قول من تشمّر للجدال : ـ «إنّ قولكم : الطرفان لمّا استويا بالنّسبة إلى الذّات فى انسلاب الضّرورة عنهما ، فامتنع التّرجيح إلاّ بمنفصل ؛ ليس من الفطريّات ؛ فإنّا متى ما عرضنا هذه القضيّة على العقل ـ مع قولنا : الواحد نصف الاثنين ـ وجدنا الثّانية فوق الأولى فى القوّة والظهور. والتّفاوت إنّما يعقل إذا تطرق الاحتمال بوجه ما. إلى الأولى بالقياس إلى الأخيرة وقيام احتمال النّقيض بنقيض التّعيّن التّامّ» ـ.
فليس بصادق ؛ لأنّ التّفاوت عسى أن يكون بحسب المفاوتة فى تصوّرها سيعى الحكم. أمّا الحكم فى نفسه فلا يتفاوت ، على أنّ الفطريّات فضلا عن الحدسيّات قد تتفاوت ، كما المقتنصات تتفاوت ؛ لأنّ الفطريّة والحدسيّة والمقتنصة تختلف بالقياس إلى الأشخاص والأوقات وبالنّسبة إلى خصوصيّات المفهومات والعقود ، لتفاوت استعدادات النّفوس واختلاف نسبها إلى إدراكات متعيّنة لمدركات متخصّصة بحسب الاستعداد الأوّل حيلة واحتيالا والاستعداد الثّاني كسبا واعتمالا.
فوزان السّلائق العقليّة فى إدراك نظم الحقيقة ونثرها. ثمّ الفرق بين أوزان الحقائق المختلفة وزان السّلائق السّمعيّة الذّهنيّة فى إدراك نظم القول ونثره. ثمّ