التّمييز بين الأوزان المختلفة الشّعريّة وكذلك وزن النّغمات اللّحنيّة ، ثمّ أوزان الألحان المختلفة ، والتّناسب والتّنافر العقليّان بالنّسبة إلى المروّين بالرّويّة العقليّة ، كالتّنافر والتّناسب السّمعيّين بالنّسبة إلى المختلفين بالسّليقة السّمعيّة الذّهنيّة.
وكأنّ غير مئوف الفطرة من ذوى الطباع البشرىّ لا يستحلّ أن يرجّح الشّيء على مثله من كلّ جهة ، لا لمرجّح من خارج. فإذا لخصّ مفهوم الممكن استيقن انفساخ إمكان الأولويّة الذّاتيّة ثمّ يرب فى سببيّة الإمكان للحاجة. ومن التزم ضدّ ذلك فقد سلك سبيل الانسلاخ عن لوازم الفطرة ، لنقصان فى نفس الغريزة أو لتدنّس بالعقائد الباطلة المتضادّة لجوهر العقل.
والملتزمون فرق متشتّتة :
١ ـ فرقة قالت : إنّ اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ خلق العالم فى وقت بعينه دون سائر الأوقات ، لا لمرجّح يتخصّص به ذلك الوقت.
٢ ـ وفرقة ظنّت : أنّه تعالى خصّص الأفعال بأحكام مخصوصة من الوجوب والحظر والحسن والقبح من غير أن يكون فى طبائع الأفعال ما يقتضي تلك الأحكام ، وأنّ الهارب من السّبع إذا عنّ له طريقان متساويان من كلّ وجه ممّا يرجع إلى غرضه ، فإنّه يؤثر أحدهما على الآخر لا لمرجّح. وكذلك المخيّر بين رغيفين متساويين من جملة الوجوه.
٣ ـ وفرقة تقول : ما يختصّ من الأحكام (١٠١) بأحد المتماثلين دون الآخر لا يعلّل ؛ لأنّه بأىّ شيء علّل فسد.
٤ ـ وفرقة تقول : الذّوات متساوية بأسرها فى الذّاتيّة. ثمّ إنّ بعضها دون بعض يختصّ بصفة معيّنة دون سائر الصّفات.
وهذه شعوب من المتغلّطين المتسمّين بالمتكلّمين ليسوا يتفطّنون أنّ هناك أسبابا مغيّبة من أذهاننا ومستّرة عن أبصار بصائرنا ، وأنّ اللاّأولويّة إنّما يصحّ أن تستعمل فى شيء ، نسبته لذاته إلى الأشياء بالاقتضاء واحدة من كلّ جهة. وأمّا فى عالم الاتفاقات فإنّما الجهل بالأولويّة ، لا اللاّأولويّة. فالعطشان الّذي عنده مياه