<٢> تفصلة فى تبصرة
حمل شيء على شيء (١) إمّا أن يعنى به : أنّ الموضوع هو بعينه اخذ محمولا على أن يتكرّر إدراك شيء واحد بتكرّر الالتفات إليه من دون تكثّر فى المدرك والملتفت إليه أصلا ولو بالاعتبار ، وهو حمل الشّيء على نفسه ، وتأبى الضّرورة الفطريّة إلاّ أن تشهد ببطلانه وإن وقع بعض الأذهان فى مخمصة تجويزه. أفإن صحّ فكيف يصحّ أن تلتفت نفس واحدة إلى مفهوم واحد ذاتا واعتبارا فى زمان واحد بعينه مرّتين.
(٢) وإمّا أن يعنى به ذلك ، لكن على أن يجعل تكرّر الإدراك حيثيّة تقييديّة يتكثّر بحسبها المدرك ، فيحكم بأنّ المدرك بأحد الإدراكين هو نفس المدرك بالإدراك الآخر ، ولا يلحظ تعدّد إلاّ من تلك الجهة. وهو الّذي يقال : إنّه ضرب متصوّر من حمل الشّيء على نفسه. ولكنّه هدر غير مفيد.
(٣) وإمّا أن يعنى به : أنّ المحمول هو بعينه نفس الموضوع بعد أن يلحظ التغاير الاعتبارىّ ، أى هو بعينه عنوان حقيقته ، لا أن يقتصر على مجرّد الاتّحاد فى الوجود. ويسمّى الحمل الأوّلىّ الذّاتىّ ، لكونه أوّلىّ الصّدق أو الكذب ، غير معنى به ، إلاّ أنّ هذا المفهوم هو نفس ذاته وعنوان حقيقته. فإذا اعتبر بين المفهومات المتغايرة فى جليل النّظر ربما احتيج ليتعيّن الإيجاب أو السّلب إلى تدقيقه ، كما يقال : الوجود هو الماهيّة (١٣) أو ليس الوجود هو الوحدة أو ليس ، ويحتاج فى الإذعان إلى البرهان.
(٤) وإمّا أن يعنى به مجرّد اتّحاد الموضوع والمحمول ذاتا ووجودا ، أو يرجع إلى كون الموضوع من أفراد المحمول أو كون ما هو فرد أحدهما هو فرد الآخر ، ويسمّى الحمل العرضىّ المتعارف ، لشيوعه بحسب التعارف الصّناعىّ ؛ وينقسم بحسب كون المحمول ذاتيّا للموضوع أو عرضيّا له إلى الحمل بالذّات والحمل بالعرض.