إذا قلنا : العدم والوجود ، مثلا ، فقد احتجنا إلى لحاظ أن يقترن معنى التقدّم بأحدهما حتى يصير متقدّما. وكذلك معيّة ما هو فى الزّمان للزّمان غير المعيّة بالزّمان ، أعنى معيّة شيئين يقعان فى زمان واحد ؛ لأنّ الأولى تقتضى نسبة واحدة لشيء غير الزّمان إلى الزّمان هى متى ذلك الشّيء ، والاخرى تنحلّ إلى نسبتين لشيئين يشتركان فى منسوب إليه واحد بالعدد ، هو زمان ما. ولذلك لا يحتاج فى الأولى إلى زمان يغاير الموصوفين بالمعيّة ويحتاج فى الثّانية إليه.
وبالجملة ، القبليّة والبعديّة اللّتان لا تجتمعان ويتصوّر مرور أمر ممتدّ بهما لا بدّ من أن يكون بحسب الزّمان وانفصاله الوهمىّ. أمّا فى أجزاء الزّمان فبحسب الزّمان الّذي هو نفس القبل والبعد. وأمّا فى غيرها فبحسب الزّمان المحيط بالشّيئين اللّذين يقال لهما القبل والبعد ، والمعيّة الّتي بحسب الاجتماع فى جزء من أجزاء الأمر الممتدّ أو فى حدّ من حدوده أيضا على هذا السّبيل.
فمعيّة الحركة للزّمان غير معيّة شيئين هما غير نفس الزّمان ؛ فإنّ معيّة الحركة والزّمان هى متى الحركة ، أى كون الحركة فى زمان ، ومعيّة شيئين زمانيّين غير نفس الزّمان هى أنّ متى أحدهما غير متى الآخر ، أى كونهما فى زمان واحد. فالمعيّة الأولى ليست بحسب زمان خارج عن المعين بخلاف الثّانية ، فلا يلزم من كون الحركة فى زمان كون الحركة والزّمان فى زمان.
<٦> وهم وتنبيه تلخيصيّ
ولعلّك تقول : أليست القبليّة والبعديّة من مقولة الإضافة ، والزّمان كم متّصل ، فكيف يكون الإضافة نفس حقيقة الكم والمقولات متباينة.
فيقال لك : قد تلخّص أنّ الزّمان متصل واحد لا جزء له بالفعل أصلا. فإذا حلّله الذّهن إلى أجزاء وأصناف ، كلا منها إلى آخر ، ووجدان بعضها قبل وبعضها بعد ، على أنّ مصداق حمل القبل والبعد نفس ذينك الجزءين ، لا شيء آخر يكون هو ما به القبليّة والبعديّة.