وأمّا مصداق حمل القبل والبعد على غير أجزاء الزّمان فإنّما هو مقارنة بعض تلك الأجزاء ، لا غير ؛ فهذا ما يعنى بأنّ القبليّة والبعديّة لا تزيدان على حقيقة الزّمان ، لا كون الإضافيّتين عين ذات الزّمان. فإذن مرجع ذلك إلى أنّ الحكم بالقبليّة والبعديّة ليس يحتاج إلاّ إلى تحليل الزّمان إلى الأجزاء وإضافة بعضها إلى بعض. فعند ذلك يصير كلّ منها قبلا وقبليّة أو بعدا وبعديّة باعتبارين ، لا من حيث المقارنة لشيء ، بل من تلقاء هويّتى الجزءين بذاتيهما. فإذن ، ليس أنّ القبليّة والبعديّة من الأعراض الأوّليّة لحقيقة الزّمان. بل الحقّ معنى آخر فوق ذلك. وليس يلزم كون الإضافة عين ذات الكم.
<٧> تقرير
وهناك ضرب من البيان بحسب النّظر فى إمكان قطع مسافة واحدة بحركات مختلفة متشابهة وقطع مسافات متساوية أو مختلفة بحركات متشابهة أو مختلفة. فمن البيّن أنّ فى الحركة اختلافا ، بسببه يختلف قطع مسافات ، وهو اختلاف فى مقادير الحركات ؛ لأنّه لو كان اختلافا فى مقدار ثابت لما اختلف به قطع المسافات والإمكانات المختلفة فى هذا البيان بإزاء القبليّات والبعديات فى البيان الأوّل.
فقد يعتبر مجموع الإمكانات المختلفة ، وقد يؤخذ إمكان واحد منقسم بانقسام المسافة ؛ فإنّ الحركة الّتي يقطع بها نصف المسافة لا يمكن أن يقطع بها جميعها ، ولا التى يقطع بها ثلثها يمكن أن يقطع بها نصفها.
ولا يعنى بالإمكان هاهنا الإمكان الحقيقىّ ؛ فإنّه ليس يتعدّد ولا يكون له نصف وثلث وغيرهما ، بل يعنى أمر يقع فيه الحركات ، أى أمر ممتد يتّسع لقطع المسافة المعيّنة بالسّرعة المعيّنة كأنّه قالب له منطبق هو عليه. فإذن يثبت للحركة مقدار.
وإذ ليس المقدار ماهيّة الحركة ، إذ ماهيّة الحركة هى الخروج من القوّة إلى الفعل يسيرا يسيرا. فيكون هو ... يكون شيء منه قبل شيء ، وشيء منه بعد شيء ، وسائر الأشياء، فما طابق منها جزءا هو قبل قبل له قبل ، وما طابق جزءا هو بعد قبل