له بعد. وتلك الأشياء هى ذوات التّغيّر ، إذ لا فائت ولا لاحق حيث لا تغيّر ، وكيف يكون قبل وبعد إذا لم يحدث أمر فأمر ولم يكن اختلاف وتغيّر.
فإذن ، الزّمان إنّما يكون حيث يكون فاسد وحادث ، فهو مادّىّ موجود فى المادّة ، ووجوده متعلق بالمادّة ووجوده فى المادّة بتوسّط الحركة ، ولا يوجد إلاّ بتجدّد حال مع استمرار ذلك التّجدّد ، لأنّه إذا كان أمر دفعة ثمّ لم يستمرّ ، بل كان شيئا آخر دفعة ، لم يخل : إمّا أن يكون بينهما إمكان تجدّد امور أو لا يكون : فإن كان فيكون فيما بينهما قبل وبعد ، وإن لم يكن بينهما هذا الإمكان فهما يلتصقان ، فيلزم أن يتلى الآنات ويلزم من ذلك حركات على مسافات غير متحيّزة ، وكلّ ذلك محال. فإذن ، الزّمان كم متصل غير قارّ وليس هو بذى وضع.
<٨> إشارة
إنّ للحركة كميّة من جهة مقدار المسافة ، فتزيد وتنقص بزيادتها ونقصانها ، وليس معنى ذلك : أنّ للحركة كميّة عارضة من جهة المسافة وللمسافة كميّة اخرى ، بل إنّ كميّة للحركة هى كميّة المسافة. وإنّما الزّيادة والنّقصان تعرضان الحركة لكميّة المسافة ، كما فى السّواد الحالّ فى الجسم.
وكذلك لها كميّة من جهة الزّمان. وهذه عارضة لها. وأيضا لها عدد من حيث انقسامها إلى أجزاء متقدّمة وأجزاء متأخّرة حسب انقسام المسافة إليهما ، إلاّ أنّ الأجزاء المتقدّمة فى المسافة تكون فى الوجود مع المتأخّرة منها ، بخلاف ما بإزائهما من متقدّمة الحركة ومتأخّرتها ؛ فإنّهما لا يكونان معا بحسب الوجود فى افق الزّمان. وكذلك من جهة الزّمان إذا انقسم إلى أجزاء متقدّمة ومتأخّرة. ولكن ذلك إنّما يحصل من جهة المسافة.
فالزّمان يتجزى بالحركة ، والحركة بالمسافة ؛ فإنّ اتصال المسافة اتّصال للحركة الّتي هى علّة للزّمان المتّصل بذاته ، وانفصالها انفصال للحركتين اللّتين هما علّتان لزمانين ، كلّ منهما متصل بذاته.