ثمّ الزّمان باتّصاله مقدار لها وعلّة لكونها ذات مقدار ، وبحسب الانفصال إلى القبليّات والبعديّات عدد لها وعلّة لكونها ذات عدد. فإذن ، الاتّصال المسافيّ يقتضي وجود المتقدّم والمتأخّر فى الحركة على الاتّصال ، وعدد المتقدّم والمتأخّر يكون بمقدار الحركة ، والحركة بعد الزّمان على أنّها مقتضى وجود عدد الزّمان من المتقدّم والمتأخّر ، والزّمان يعدّ الحركة على أنّه نفسه عدد لها. كما أنّ وجود معروض العدد علّة لوجود العدد العارض ، ثمّ هو يعدّ المعروض على أنّه عدد له.
واعتبر الأمر فى وجود النّاس بالنّسبة إلى عددهم. وهو ، مثلا ، عشرة. فلوجودهم وجدت العشريّة ، وهى جعلهم لا موجودين ، بل أشياء معدودين ، أى ذوى عدد. فإذا عدّتهم نفس لم يكن المعدود طبيعة الإنسان ، بل العشريّة الّتي حصّلها افتراق الطّبيعة وإن كانت هى أوجبت لها المعروضيّة للعدد.
فكما النّفس بالإنسان تعدّ العشريّة فكذلك بالحركة تعدّ الزّمان. ومن لم يستطع إلى التّحصيل سبيلا ظنّ أنّ فى هذا الأصل اشتمالا على الدّور ، وهو تخييل منشؤه تعطيل ترتيل التّدبّر وإهمال الرّويّة له.
<١٠>دعامة تتميميّة
كانّك إذن تحكم أنّ الزّمان ، لكونه بذاته مقدارا ، يكون استعداد الموهوم من القسمة فيه له بذاته ، والحركة ليست كذلك. وأمّا تعيّن الامتداد بالفعل فإنّما يلزمه بسبب الحركة المعيّنة. فإذن ، الحركة علّة لوجود الزّمان كما الجسم لوجود المقدار. وتعيّن الحركة بخصوصها علّة لتعيّن التّناهى واللاّتناهي لامتداد الزّمان. وكذلك تخصيص تناه بعينه من التّناهيات.
ثمّ الزّمان علّة لكون الحركة غير متناهية المقدار أو متناهيته وذات مرتبة بعينها فى تناهى المقدار ، والمحرّك علّة لوجود الحركة ، فهو علّة اولى لوجود الزّمان وعلّة أيضا لثبات الحركة المستتبع لازدياد كميّتها ، أعنى الزّمان ، ولا علّة لكون الزّمان مستعدّا لأن يمتدّ إلى نهاية معيّنة أولا إلى نهاية أصلا ؛ فإنّ ذلك له لذاته ، كما كان