ثمّ الزّمان شرط فى تشخّص الحركة وتعيّنها ، كما قد قيل لك من قبل فى الصّورة والهيولى : إنّ الصّورة من حيث هى صورة ما جزء لعلّة الهيولى المتشخّصة ، والهيولى الشّخصيّة بوجه ما علّة لتشخّص الصّورة ، أى للصورة الشّخصيّة من حيث هى صورة شخصيّة.
ثمّ الحركة المتعيّنة المتشخّصة بما هى متعيّنة متشخّصة علّة بنحو ثباتها لكون الزّمان متماديا إلى لا نهاية أو متناهيا بالفعل وعلى مرتبة متخصّصة فى التناهى. ثمّ الزّمان بحسب ذلك التّعيّن علّة لكون الحركة ذات مقدار غير متناه أو متناه متخصّص التّناهى.
ويجب أن يتحقق أنّ معلول الشّيء بما هو معلول ليس يلزمه أن يكون معلولا لتشخّص ذلك الشّيء إلاّ أن تكون العلّة جاعل الذّات فاعل الوجود ؛ فإنّ العقل ينقبض عن كون مرتبة المجعول المفعول فى التّحصّل فوق مرتبة الجاعل الفاعل ، وحظّه من التّعيّن أقوى من حظّه. وليس ذلك فى سائر العلل والمعلولات وفى طباع العليّة والمعلوليّة بما هما عليّة ومعلوليّة. فإذن ، ليس يلزم أن يكون الزّمان معلول الحركة الشّخصيّة بما هى شخصيّة وإن لم تنسلخ فى الوجود عن التّشخّص.
فإذن ، طبيعة الحركة الّتي هى محلّ الزّمان جزء علّة الزّمان ، لا طبيعة أيّة حركة كانت، وتشخّصها مشروط بالزّمان مطلقا. أى : تشخّص أيّة حركة كانت ، لا تشخّص الحركة الّتي هى محلّ الزّمان فحسب ، ولا دور.
<١٢> فيصل تحديقيّ
فى أمر الزّمان شتات ظنون متّسعة أحصيناها فى كتاب الصراط المستقيم. ولعلّ ما سقنا إليه روّيتك هو سواء السّبيل. والمحصّلون من الفلاسفة يقولون : إنّ عدم الزّمان قبل وجوده وبعده ، قبليّة وبعديّة تصدّان الشّيء القبل والشّيء البعد عن الاجتماع فى التّقرّر والحصول ، مستحيل بالنّظر إلى ذاته بذاته ؛ وليس يلزم من ذلك أن يكون واجب الوجود بذاته ـ كما توهّم ـ عديم التّحصيل منهم فى بعض