وأيضا يقع المضادّة فى «الأين» ؛ فإنّ الكون عند المحيط يخالف الكون عند المركز ، وهما معنيان بوجد لهما موضوع واحد يتعاقبان عليه وبينهما غاية الخلاف. وهناك الايون متوسّطة ، ليس بينهما تلك الغاية ، وليست تقع فى المتى ؛ فإنّ الكون فى الأمس وإن كان يخالف الكون فى اليوم ، مثلا ، ولكن ليس بينهما غاية الخلاف ، والكون فى الزّمان وإن كان بخلاف الكون فى طرفه على أنّ بينهما غاية الخلاف ، ولكن ليس يوجد موضوع واحد يتعاقبان عليه. فكيف يصير التّدريجىّ تارة دفعيّا اخرى.
ثمّ سبيل الأين أن يقبل الأشدّ والأضعف ، فقد يكون اثنان فوقين أو تحتين وأحدهما أشدّ فوقيّة أو تحيّة ، إلاّ أنّ قبول الشّدّة والضّعف لا يكون له باعتبار طبيعة الفوقيّة والتّحتيّة ، بل بحسب الإضافة إلى فوقيّة أو تحتيّة اخرى.
والفوق الحقّ لا يقبل الأشدّ والأضعف ، بل ربما الفوق المضاف إلى فوق آخر ، كالسّواد الحقّ ، لا يكون أشدّ وأضعف ، بل ربما السّواد المضاف إلى سواد آخر.
وأمّا «متى» ، فلا يكون فيه أشدّ وأضعف مطلقا أو بحسب الإضافة ، بل ربما كان فيه أطول وأقصر أو أكثر أو أقلّ بحسب الإضافة فقط ؛ فإنّ الزّمان بحسب الكميّة الاتصاليّة الذّاتيّة يكون منه طويل ومنه قصير ؛ وبحسب الكميّة الانفصاليّة العارضة له للانفصالات الذّهنيّة إلى متقدّمات ومتأخّرات يكون منه كثير ومنه قليل. أليس الزّمان كما متّصلا بالذّات وبالعرض أيضا وكما منفصلا بالعرض فقط باعتبار فى الوهم إلى قبليّات وبعديّات.
والّذي يشبه أنّ الحقّ ليس يتعدّاه هو أنّ الفوقيّة أو التّحتيّة ممّا يلزم «الأين» ويعرضه ؛ لا أنّها نفس الأين ، إذ الأين هو الكون فى مكان بعينه ؛ والفوقيّة أو التّحتيّة تعرض ذلك المكان وتلزمه. فإذن الشّدّة والضّعف فى لوازم الأين لا فى نفس المقولة. وكذلك «متى» نفس الكون فى الزّمان. ويلزم ذلك : إمّا التّقدّم الزّمانىّ أو التّأخّر الزّمانىّ ، والمتقدّمات والمتأخّرات الزّمانيّة يكون بعضها أشدّ تقدّما أو تأخّرا من بعض ، كما سيقرع سمعك.
فإذن كما يقع الأشدّ والأضعف فى الفوق والتّحت بحسب الفوقيّة والتّحتيّة