المكانيّتين باعتبار الإضافة إلى فوق آخر أو تحت آخر ، أى فى لوازم الأين وعوارضه لا فى نفس المقولة ، فكذلك يكون الأشدّ والأضعف فى المتقدّم والمتأخّر الزّمانيّين من جهة الإضافة إلى متقدم آخر ومتأخّر آخر ، أى فى لوازم المتى وعوارضه ، لا فى نفس المقولة.
وأنت إذا استقصيت تبيّن لك أنّ المقولتين بينهما مشاركات جامعة ومتباينات فاصلة ، ومزاوجتهما فى التّشارك كاد تبلغ مبلغ المضادّة التّامّة.
<٣> حكومة
إنّ بعض من حمل عرش تعليم الفلسفة ورئاستها فى الإسلام ذكر فى العبارة عن المتى الخاصّ : «إنّ متى نسبة الشّيء إلى الزّمان الّذي [يساوق وجوده] تنطبق نهايتاه على نهايتى وجوده ، أو زمان محدود ، هذا الزّمان جزء منه».
وقال رئيس الفلاسفة الإسلاميّة أبو على بن سينا فى قاطيغورياس الشفاء :
«إنّه هوّل تهويلا مفرطا ؛ فإنّ كون الشّيء فى آن ما ، لا يحمل عليه هذا الحدّ. لكن الحقّ أنّه يكون للشّيء نسبة إلى الزّمان ، لا على أنّه فيه ، بلى على أنّه فى طرفه ، ويكون ذلك أينا. فهذا يفسد ما ذكره ، إلاّ أن يحكم بأنّ النّسبة إلى الآن ليست من مقولة «متى» ، لكنّها لا مقولة لها تليق بها غير هذه المقولة ، ولا هى غير داخلة فى مقولة أصلا» (١).
ونحن نحكم أنّ هذا القول أحقّ. لكنّ التّهويل ليس مخصوصا بذلك ؛ بل إنّ من لم يأخذ النّسبة إلى الزّمان على أن يستوعب كون الكائن فى ذلك الزّمان على التّدريج وكون الكائن بتمامه فى نفس ذلك الزّمان وفى كلّ جزء من أجزائه وفى كلّ حدّ من حدوده ، سواء كان هناك آن يتعيّن بآن أوّل حدوث ذلك الكائن الحادث فيه أو لم يكن. فقد هوّل أيضا تهويلا ليس هو دون ذلك التّهويل فى الإفراط.
__________________
(١). ابن سينا ، الشفاء ، المنطق ، المقولات ، ص ٢٣١ ـ ٢٣٢.