<٤> هداية استشراقيّة
ألا إنّ ما تلى عليك هو متى الزّمانيّات ، لا غير ، أعنى الامور الواقعة فى الزّمان على التّدريج أو فى نفس الزّمان أو فى طرفه ، والزّمان نفسه ليس لوجوده أو عدمه متى ؛ فإنّ الزّمان ليس وجوده فى زمان فكذلك ليس يعدم فى زمان ، والآن نفسه ليس لوجوده متى ، بخلاف عدمه ؛ فإنّ متاه نفس مجموع الزّمان الّذي بعده. وهذا كما أنّ المكان نفسه ليس له أين أصلا. والنّقطة بنفسها ليس وجودها فى الخطّ أو النّقطة وأنّها معدومة فى مجموع خطّ بعدها.
وأمّا الامور الغير الزّمانيّة فربّما يقال بحسب جليل النّظر متاها مباين متى الزّمانيّات ، فمتى الزّمانيّات هو النّسبة إلى الزّمان بالفيئيّة على الجهة المستوعبة. وقد أومأنا إليها أو إلى الآن طرف الزّمان بالفيئيّة ، ومتى ما هو أعلى من الكون ومن الوقوع فى افق الزّمان نسبته إلى الزّمان وطرفه بالمعيّة (١٣٦) دون الفيئيّة.
ثمّ إنّ ضربا من النّظر الدّقيق يأتى بحفص بالغ ولحظ غائر ، فيحكم بأنّ هذا الأخير كون على طور آخر وأعلى من أن يكون متى ؛ بل إنّما هو بإزاء المتى ، أى : كون كلّ من الزّمانيّات فى مجموع زمان ما أو فى نفس ذلك الزّمان وفى أبعاضه وحدوده جميعا أو فى طرفه فقط. فهذه أنواع المعنى ، وهو خارج عنها جميعا.
فإذن ، ليس ينبغى أن يدخل فى الاسم إلاّ سلوكا لمسلك التّشبيه من طريق بعيد ؛ فإنّ المعيّة إن كانت متقدّرة زمانيّة منقسمة أو آنيّة غير متجزّئة لزمها أن تكون البتّة منتهية إلى الفيئيّة وإن كانت معيّة غير متقدّرة خارجة عن جنس الزّمانيّة والآنيّة والتّجزّى واللاّتجزّى ، فكيف يطلق عليها اسم النّسبة المتقدّرة الدّاخلة فى جنس التّجزّى واللاّتجزّى والنّسبة التى هى الّتي يعتبر فيها انطباق المنسوب على المنسوب إليه بوجه ما ، وما يرتفع عن الزّمان لا ينسب إلى شيء من الأزمنة والآنات بالانطباق ، بل إنّه يحيط بالجميع. فإذن ، بالحرى أن ينزّه عن الدّخول تحت ما يعتريه هذا الاسم. فكيف والزّمان لا يكون له متى. فما ظنّك بشواهق العوالى ومن