هو العلىّ الأعلى.
ولقد أعلن تعرّف الحقّ فى ذلك رئيس فلاسفة الإسلام فى أكثر كتبه وتعاليقه. وقال فى رسالة له على هيئة خطبة لقّبها الكلمة الإلهيّة :
«سبحان الملك القهّار ، الإله الجبّار ، لا تدركه الأبصار ولا تمثّله الأفكار ، لا جوهر يقبل الأضداد فيتغيّر ، ولا عرض فيسبق وجوده الجوهر ، لا يوصف بكيف فيشابه ويضاهى ، ولا بكم فيقدّر ويجزّى ، ولا بمضاف فيوازى ويحازى ، ولا بأين فيحاط ويحوى ، ولا بمتى فينتقل من مدّة إلى اخرى».
هذا قوله وقد اقتدى فيه بأساليب أئمّتنا الطاهرين وسننهم ـ صلوات اللّه عليهم اجمعين ـ فإنّ هذا المعنى فى كلماتهم الطيّبات القدسيّات وفى خطب مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين ويعسوب المسلمين ـ عليه صلوات من اللّه ومن الملائكة ومن سائر المصلّين ـ على أقصى أمد السّطوع الشّعشعانىّ والبلاغة العقليّة.
<٥>توثيق تبصيريّ
يجب عليك أن تهجر الوهم هجرا جميلا وتثق بالعقل وثوقا أصيلا ، تصدّقه فيما يحكم أنّ الامور الزّمانيّة الّتي يوصف أنّها فى زمان وأنّ لها متى هى امور متعلّقة بالمادّة واقعة تحت التّغيّر. وأمّا المفارقات الثّابتة فحيث إنّه لا يتصوّر لها تغيّر وتجدّد فى حال من الأحوال أصلا ، كما يكون للمادّيّات ، فلا يصحّ أن يقال : إنّها موجودة فى زمان أو آن.
أليس إذا كان للشىء بحسب ذاته أو بحسب حال ما من حالات ذاته تغيّر وتجدّد تدريجىّ أو دفعىّ كان له تعلّق وتخصّص ما باعتبار ذلك الحصول التّجدّدىّ بالزّمان الّذي هو متغيّر متجدّد بذاته أو بحدّ من حدوده ، ونسبة ما إلى أحدها بالوقوع فيه إمّا سيّالة متغيّرة متجزّئة مستمرّة التّجدّد والحصول أو متجددة غير ممتدّة الحصول.