وأمّا إذا لم يتصوّر فى ذاته لا بحسب ذاته ولا بحسب شيء من حالات ذاته والأوصاف اللاّحقة لذاته تجدّد وتغيّر أصلا ، لا تدريجىّ ولا دفعىّ ، فلا يكون له تخصّص وتعلّق بالزّمان ولا بحدّ من حدوده بتّة.
فليس من شرط طباع الوجود بما هو وجود أو العدم بما هو عدم أن يكون حصوله فى زمان أو آن ؛ بل إنّما ذلك من شرط التغيّر والتّجدّد والتّدريجيّة والدّفعيّة. وأمّا الوجود بما هو وجود فما له بطباعه هو أنّه إمّا واقع فى نفس الأمر بذاته أو بعلّة أو ليس بواقع فى نفس الأمر. ثمّ ربما يلحقه فى بعض الموجودات بخصوصه أن يكون حصوله فى زمان أو آن. وذلك كما أنّه ليس من شرط الوجود أو العدم أن يكون فى مكان أو فى حدّ من حدود المكان بل يلحق الوجود فى المادّيّات بخصوصها أن يكون فى المكان أو فى حدّ ما منه.
فكما يكون وجود الموجود فى الأعيان لا فى مكان ولا فى جميع الأمكنة ولا فى حدّ ما من حدود المكان ولا فى جميع الحدود ، بل هو فى نفس الأمر مع جميع الأمكنة ومع جميع الحدود معيّة على نسبة واحدة متشابهة غير مختلفة إلى الجميع مرّة واحدة ، لا معيّة مستلزمة لفيئيّة مكانيّة أو منتهية إليها ، بل متباينة للفيئيّة وخارجة عن جنس المعيّة المتقدّرة المكانيّة والمفارقة الانفصاليّة المكانيّة.
فكذلك يكون وجود الموجود فى الأعيان ، لا فى زمان ما ولا فى جميع الأزمنة ولا فى حدّ ما من حدود الزّمان ولا فى جميع الحدود ، بل هو حاصل فى نفس الأمر مع جميع الأزمنة ومع جميع الحدود الزّمانيّة معيّة على نسبة واحدة إلى الجميع متشابهة غير مختلفة حاصلة مرّة واحدة. لا معيّة مستلزمة لفيئيّة زمانيّة أو منتهية إليها ، بل مباينة للعينيّة خارجة عن جنس المعيّنة الزّمانيّة ، والتّقدّم والتأخّر الزّمانيّين غير متشابهة لذلك الطور.
واعتبر الحكم بكون الكلّ أعظم من جزئه ؛ فإنّه لا يمكن أن يقال : إنّه واقع فى زمان أو فى جميع الأزمنة ، كما لا يقال : إنّه واقع فى مكان أو فى جميع الأمكنة. وإذا كان الحكم كذلك ممّا يتوقف عليه الحكم ، كالتّصوّرات ، أولى بأن