يكون كذلك. فإذن ، مفارق المادّة مفارقة مطلقة ، كما أنّه مفارق للمكان فكذلك هو مفارق للزّمان.
وعلّة الزّمان لا يعقل أن تكون شيئا زمانيّا يوجد فى زمان ، فكيف مبدأ الكلّ وجاعل الجميع أفليس الزّمان مقدار حركة الفلك الأقصى وعددها ، وهو يحدث عنها ، وهى علّة له أو محلّه.
فهى بما هى حركة الجرم الأقصى ، أى بطبيعتها المطلقة ، متقدّمة على الزّمان وإن كانت بحسب شخصيّتها وتقدّرها بالزّمان الحالّ فيها متعلقة به ومنطبقة عليه. فإذن ، الحركة الّتي هى محلّ الزّمان بحسب سنخ طبيعتها متقدّمة الوجود على الزّمان. فليست هى زمانيّة ، بمعنى أن يكون تقرّرها وحصولها عن جاعلها فى زمان وإن كانت زمانيّة ، بمعنى أنّها متقدّرة بحسب امتدادها واتّصالها بالزّمان ومنطبقة عليه.
وأمّا سائر الحركات فإنّها زمانيّة بالمعنيين. وقد أوضح ذلك معلّم الفلسفة المشّائيّة أرسطاليس ومن اقتدى به من رؤساء فلاسفة الإسلام.
فإذا لم يكن وجود تلك الحركة مشمول الزّمان وواقعا فيه (١٣٧) ومن البيّن أنّ ما يحدث عن الشّيء لا يشمله ، فكيف يكون جاعل الزّمان ومبدعه وموجده ومحدثه ، بل جاعل ما يحدث هو عنه ، بل جاعل جميع الحقائق والأثبات زمانيّا. ومن الفطريّات أنّ جاعل الشّيء ومحدثه لا يكون مشمولا له ، فضلا عن مبدأ الكلّ.
فإذن ، سطح نور عالم القدس وحان حين أن نقول : سبحانك اللّهمّ ، بارئ العقول والنّفوس ، تقدّست وتعاليت ، كيف تكون مكانيّا أو زمانيّا؟ وأنت كوّنت الكون والمكان وأبدعت الحركة والزّمان ، أنّى يكون لك كيف أو كم أو أين أو متى؟ وأنت كيّفت الكيف وكمّمت الكم وأيّنت الأين ومتّيت المتى ؛ عزّك فوق أعلى وصف الواصفين ، ومجدك وراء أبلغ ثناء العارفين.