لا زمانيّا. والدّوام السّرمديّ لا يكون لشيء من الذّوات الجوازيّة والحقائق الإمكانيّة ، بل إنّما استأثر به الجاعل المبدع ـ تعالى ذكره ـ على ما أدّى إليه صراط نضج الحكمة ، والمتهوّسون بقدم بعض الجائزات يجعلون الجائز بالذّات القديم بالزّمان سرمدىّ الوجود متأخّر التقرّر عن ذات المبدع لا غير ، تأخّرا بالذّات ؛ ويعبّرون عن دوام المعلومات بالسّرمديّة. وذلك إثم كثير فى الفلسفة.
وهناك نحو آخر هو الدّوام بالذات ، وهو القدم الذّاتىّ ، ومرجعه إلى عدم مسبوقيّة التقرّر بالبطلان بالذّات ، وإنّما يتحقق إذا كان المتقرّر واجبا بذاته ويقابله اللاّدوام بالذّات ، وهو المعبّر عنه فى لسان الفلسفة بالحدوث الذّاتىّ ، أعنى مسبوقيّة تقرّر الشّيء بالبطلان بالذّات ويستغرق جملة الجائزات من المفارقات والمادّيّات على الإطلاق. فكما إذا تسرمد التقرّر بحسب الواقع تحقّق الدّوام السّرمديّ فكذلك إذا سرمد التقرّر بالذّات تحقق الدّوام الذّاتىّ ، وسيكون مساقك إلى مسلك التّحصيل إن شاء اللّه تعالى.
<٢> تلويح توضيحيّ
ألم يقرع سمعك ما قاله الشّركاء المحصّلون السّالفون أنّ البقاء مقارنة الوجود لأكثر من زمان واحد بعد الزّمان الأوّل. وذلك لا يعقل ممّا لا يكون زمانيّا ، فاستوضح ذلك : بأنّ وجود الشّيء الزّمانىّ وإن كان فى نفسه بما هو وجود أمرا بسيطا قارّا ، ولكنّه بحسب نسبته إلى أجزاء الزّمان وحدوده بالمقارنة غير قارّ ؛ فإنّه غير مستقرّ النّسبة إليها ، وملاك الاستمرار الزّمانىّ هو مجموع ذلك التقرّر وهذا الاستمرار. فالموجود الثّابت الذّات الّذي هو من الزّمانيّات ، ويصحّ أن يوصف بالمقارنة لزمان وآن وبالمعيّة أو التقدّم أو التّأخّر الزّمانيّة بالقياس إلى شيء ما له صلوح أن ينسب إلى متغيّر ما ، فيوجد فى ذاته قارّا ثابتا مع جميع ذلك المتغيّر غير قارّ بحسب نسبة وجوده إلى أبعاض ذلك المتغيّر وحدوده ؛ لعدم استقرار نسبته إليها بالمقارنة فيشعر باعتبار ذلك الشّبات.