وهذا اللاّاستقرار اتّصال نسبة متقدّرة زمانيّة تنطبق على امتداد خاصّ هو زمان ما بعينه ، واتّصال تلك النّسبة هو الّذي يعبّر عنه بالبقاء الزّمانىّ ، والامتداد فيه لا يكون فى المنسوب ولا فى النّسبة بحسب نفسها أو من جهة المنسوب ، بل إنّما فى النّسبة باعتبار اختلافها بالقياس إلى حدود المنسوب إليه ، فهذا حقيقة الاستمرار الزّمانىّ. قال فى القرآن الكريم عزّ من قائل : وَتَرَى الْجِبٰالَ تَحْسَبُهٰا جٰامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحٰابِ (النمل/٨٨).
وذلك يضاهى أمر الحركة التّوسّطيّة فى المسافة الأينيّة ، مثلا ؛ فإنّ ذاتها بسيطة قارّة ثابتة لا يتصوّر لها فى نفسها امتداد أصلا ، ونسبتها إلى حدود المسافة بالموافاة مختلفة غير مستقرّة. وإنّما يتصوّر (٢٤٣) فيها بذلك الاعتبار فقط امتداد نسبة متقدرة أينيّة تنطبق على الامتداد المكانىّ الأينىّ المسافيّ.
فالحركة التّوسّطيّة أمر بسيط قارّ فى نفسه غير قارّ بحسب النّسبة إلى أجزاء المسافة وحدودها بالموافاة ، وملاك الاستمرار المسافيّ فيها مجموع قرار الذّات وعدم استقرار النّسبة والاستمرار إنّما يكون للذّات بحسب الامتداد فى المنسوب إليه وفى النّسبة المختلفة إلى أجزائه. وليس هو نفس الامتداد. ولذلك ما إنّ الزّمان ممتدّ وليس مستمرّا. وكذلك الحركة القطعيّة والحركة التّوسّطيّة مستمرّة وليست ممتدّة ، وكذلك الموجود الباقى.
فقد استقرّ الآن أنّ وجود المعلول الحادث الزّمانىّ بحسب تلك النّسب الغير القارّة يدخل فى علّته التامّة أمر غير قارّ. فهو فى ذلك الاستمرار البقائىّ يستند إلى الحركات المقارنة له باعتبار الأعداد. وإذا المبدأ الخلاّق آنا فآنا بحسب الإفاضة بنفس التأثير الأوّل بتحصيل مستأنف ، كما أنّه يستند فى أصل الحدوث إلى الحركات المنقضية قبله إلى حين حدوثه بحسب الإمداد. وإلى المبدأ الجاعل بحسب الجعل (١) وليس يلزم استناد الغير القارّ إلى القارّ الثابت الذّات ، ولا العكس ،
__________________
(١). أى : ليس يلزم انتهاء استناد الغير القارّ ، كالحركة ، إلى القارّ الثابت الذّات ، أعنى الواجب ـ جلّ شأنه. وللاستناد القارّ الثابت الذّات كالحادث الزّمانىّ إلى شيء هو غير قارّ الذات ، كالحركات ـ على ما سيبيّن سبيله فى مقامه. أى فى مقام كيفية تبيين كيفيّة ارتباط الحادث بالقديم. سمع شرح.