الجوازيّة غير الهيولى والحركة بأن يكون بالفعل من حيثيّة وبالقوّة من حيثيّة اخرى ، لا أن يكون لها القوّة من حيث لها الفعليّة. فالفعل هناك فعل والقوّة ، والقوّة فى الهيولى أكثر من القوّة فى الحركة ، وكذلك الفعل أقوى ؛ فإنّ الفعل فيها هو فعليّة وجودها لذاتها والفعل فى الحركة فعليّة وجودها لموضوعها. فهى كمال وفعل أوّل للموضوع ، به يتوصل إلى كمال وفعل ثان له. فالّذى هو بالفعل وبالقوّة معا بحسب الكمال الّذي هو الحركة إنّما هو الموضوع ووجود الحركة فى زمان بين القوّة المحضة والفعل المحض.
فإذن ، قد ظهر أنّ أبعد الماهيّات عن الموجود الحقّ الّذي هو الفعل المحض من كلّ جهة «الهيولى» ، (١٥٤) وأقدس الموجودات عن الهيولى والحركة والزّمان الموجود الحقّ الّذي هو الفعل المحض والكمال المطلق من جميع الجهات.
<٢٢> مفاوضة واستفضاض
إنّ قوما من آل برمانيدس ، ومن شايعهم من أصحاب إمام اليونانيّين أفلاطون الإلهيّ ، منعوا كلّ المنع أن يكون الحركة توصف بالوحدة بل بالهويّة. قالوا : كيف توصف بالوحدة ولا حركة إلاّ منقسمة إلى ماض ومستقبل ، فيكون لها زمانان.
ومثبتوا وحدة الحركة يشترطون أن يكون زمانها واحدا ؛ وكلّ واحد فإنّه تامّ فيما هو فيه واحد ، وكلّ تامّ فهو حاضر ، فإنّ الوجود حاضر الأجزاء إن كانت له ، والحركة لها أجزاء وليس له وجود قارّ. ونحن قد أوضحنا الحال إيضاحا لا يحقّ أن يلتفت معه إلى هذه الشّكوك.
فكلّ واحدة من الحركتين القطع والتّوسّط تكون واحدة بالعدد وحدة شخصيّة ، إذا كان الموضوع واحدا بعينه وحدة بالشّخص فى زمان واحد بعينه فى مسافة واحدة بعينها واحدة بالاتصال ؛ فإنّ كثرة الحركة تتبع كثرة الأشياء الّتي تقيّد الحركة ، كمّا ما ونظائر الأقسام ، وهى هذه الثّلاثة : المتحرك والزّمان وما فيه الحركة.