أو شريك البارى تعالى عن ذلك ، والمعدوم الذّهنىّ أو المعدوم المطلق على أن يحمل عليه أنّه ذلك العنوان الحمل الأولىّ فقط وإن لم يحمل عليه أنّه اجتماع النّقيضين أو معدوم مطلق.
مثلا ، الحمل الشّائع الصّناعىّ ، حيث لم يكن ذلك عنوانا لشيء من الطبائع المتقرّرة فى عين أو ذهن ، وإنّما يتعمّل العقل أن يقدر على الفرض البحت أنّه عنوان لطبيعة ما باطلة الذّات محجوبة عن التّقرّر مجهولة فى التّصوّر.
ولتمثيل هذا المفهوم وتقدير أنّه عنوان لماهيّة ما ، وإن كانت مجهولة على الإطلاق غير متمثّلة فى ذهن ما من الأذهان أصلا ، يصحّ الحكم عليه بامتناع الحكم عليه ، والإخبار عنه مطلقا على سبيل إيجاب حملىّ غير بتّىّ. فكان مفهوم المعدوم المطلق بحسب ما يتوجّه إليه فى نفسه صحّة الحكم ، وأنّ امتناع الحكم إنّما يتوجّه إليه باعتبار الانطباق على ما يقدّر أنّه بحذائه.
أليس لذلك نظائر متقرّرة ، مثلا ، إذا قلنا : الواجب بشخصه عين ذاته كان الحكم فيه على مفهوم الواجب ، إذ هو المرتسم فى العقل لا غير. لكنّ عينيّة التّشخّص غير متوجّهة إليه ، بل إلى ما تحقّق البرهان أنّه بإزائه ، أعنى ذات الموجود الحقّ القائم بنفس ذاته وإن جلّ أن يتمثّل فى ذهن أصلا.
ومن سبيل آخر : هذا اللحاظ لمّا كان هو اعتبار المعدوم المطلق مجرّدا عن جميع أنحاء الوجود كان هذا المفهوم غير ملحوظ بشيء من الموجودات فى هذا الاعتبار. وهذا هو مناط امتناع الحكم عليه مطلقا. وحيث إنّ هذا الاعتبار هو بعينه نحو من أنحاء وجود هذا المفهوم ؛ فكان هو مخلوطا بالوجود فى هذا اللّحاظ بحسب هذا اللّحاظ. وهذا هو مناط صحّة الحكم عليه بسلب الحكم أو بإيجاب ذلك السّلب. فإذن فيه حيثيّتان تقييديّتان بحسبهما صحّة الحكم وسلبها.
ولعلّ ذلك ما ريم بقول بعض المحدقين بعرش التّحقيق (١) : رفع الثّبوت الشّامل
__________________
(١). هو خاتم الحكماء ، قاله فى نقد المحصّل ، منه مدّ ظلّه.