<١> تذنيب
فإذن ، افتياق الشّيء المركّب إلى ما هو جزء لذاته وبحسب جوهر ماهيّته. وأمّا افتياقه إلى ما هو خارج عن قوام حقيقته فإنّما هو من جهة جزئه. فالفاقة إلى الجزء هى فاقة نفس الذّات من حيث الذّات ، والفاقة إلى المؤثّر وإلى كلّ علّة خارجة عن الذّات هى بالحقيقة فاقة الجزء أو الأجزاء بأسرها. وربما يفتاق هو إلى بعض الأجزاء بحسب جوهر الذّات ولكن من تلقاء ذات الجزء. وذلك إذا كان ذلك البعض جزء الجزء ، لا جزءا أوّليّا.
وقد يعرض لكلّ من المادّة والصّورة أن يكون علّة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين.
أمّا المادّة ، فإذا كان المركّب ليس نوعا ، بل صنفا ، وكانت الصّورة الّتي تخصّ باسم الصّورة هيئة عرضيّة ، فحينئذ تكون المادّة مقومّة لذلك العرض الّذي يقوّم ماهيّة ذلك الصّنف من حيث هو صنف ، فتكون علّة ما للعلّة ، لكنّها من حيث المادّة جزء من المركّب وعلة مادّيّة ، فلا واسطة بينهما.
وأمّا الصّورة ، فإذا كانت هى صورة حقيقيّة ، أى من مقولة الجوهر ، وكانت تقوّم المادّة بالفعل ، والماهيّة علّة لماهيّة المركّب ، فتكون علّة ما لعلّة المركّب ؛ لكنّها من حيث الصّورة جزء من المركّب وعلّة صوريّة ، فلا واسطة بينهما ، وتقوّم ماهيّة المركّب يترتّب على الأجزاء بالأسر بالذّات أيسا وليسا.
وأمّا التّرتّب على الصّورة كذلك ، فليس بالذّات ولا من حيث هى جزء من الأجزاء ، بل من حيث إنّها هى الجزء الأخير والمقوّم الّذي لا مقوّم بعده.
فالأجزاء بالأسر : إن لوحظت من حيث هى أشياء كثيرة هى المقوّمات كانت علّة تامّة هى مقوّمات وعلل لتقوّم الحقيقة ؛ وإن لوحظت بما هى شيء تامّ التنوّع والتّقوّم وعزل النّظر فيها عن اعتبار الكثرة بالقصد الأوّل كانت شيئا مجملا تترتّب عليه آثار التّنوّع ، والتّقوّم هو بعينه المتأخّر المعلول المتألّف من تلك العلل.