المعلول جزءا من العلّة التّامّة المتقدّمة ، فيكون متقدّما عليها.
أما اتّضح أنّ كون المادّة والصّورة ، بما هما شيئان ، جزءين من العلّة التّامّة ومن معلولها ليس يستلزم كونها بحسب اعتبار التأليف جزءا ، بل إنّما اللاّزم أن يكون المعتبر بذلك الاعتبار مجموع الجزءين.
فإن قيل : خروج الكلّ عن شيء من دون خروج شيء من أجزائه عنه فطريّ الاستحالة. فلو دخل كلّ جزء من مجموع ما فى شيء ما كان المجموع إمّا عين الشّيء أو جزءه. وإذ يدخل غير المادّة والصّورة فى العلّة التّامّة فمجموعهما جزء منها قطعا.
قيل : دخول كلّ جزء من مجموع ما فى الشّيء إذا كان للشّيء جزء آخر إنّما يستوجب أن يكون المجموع (١٧٦) جزءا منه باعتبار ما ، لا كونه جزءا منه بقاطبة الاعتبارات ؛ فقد يكون جزءا منه باعتبار ، خارجا عنه باعتبار آخر. وخروج الكلّ لا بخروج جزء ما ، إنّما استحالته فطريّة إذا كان هو بقاطبة الاعتبارات خارجا.
فالمادّة والصّورة ، بما هما تلحظان فى حيّز الكثرة ، جزءان ومتقدّمان ؛ وبما هما ملحوظان فى حيّز الوحدة اللاّحقة بحسب اعتبار التّألف شيء هو مجموعهما. فهما بهذا اللّحاظ عين المعلول ، لا من أجزاء العلّة.
أليس كلّ نوع من أنواع العدد إنّما تألّفه بنوعيّته من الوحدات الّتي هى أجزاؤه ، لا من الأعداد الّتي تحته. فكلّ من أجزاء العدد الّتي هو الثّلاثة ، مثلا ، جزء من العدد الّذي هو الأربعة. وليس مجموع تلك الأجزاء ـ وهو العدد الأوّل ـ جزءا من العدد الأخير.
وهذا الحكم ليس له تخصّص بما إذا اثبت للعدد جزء صورىّ ، كما قد ظنّ ، بل إنّه متمشّ على مسلك التّحصيل أيضا. وهو أنّه ليس لكلّ عدد صورة نوعيّة مغايرة لوحداته ، بل إنّ كلّ مرتبة من الأعداد نوع آخر متميّز عن سائر المراتب بخصوصيّة المادّة فقط ، لا بصورة مغايرة لموادّها. وهذا من خواصّ الكم الانفصالىّ. وكأنّ الظّانّ إنّما عضّل عليه الأمر غموض افتصال الأمر بالأمر عن مجموع الأجزاء.