بحسب الثّبوت للإنسان والحمل عليه تأخّرا بالمعلوليّة ؛ فإنّ كون الإنسان حيوانا سبب موجب تامّ لكونه جسما الجسميّة المحمولة على الحيوان ، أى الحصّة المتخصّصة به. وكذلك كون الشّيء أسود ، مثلا ، علّة موجبة لكونه ذا اللّون المحمول عليه. وإن كان اللّون فى نفسه مقوّما للسّواد فى نفسه متقدّما عليه بالماهيّة ، والشّرط متقدّم على المشروط بحسب الوجود المحمول تقدّما بالطبع ومتأخّر عنه تأخّرا بالمعلوليّة بحسب الثّبوت الرّابط ؛ فإنّ كون الشّيء ذا شيء مشروط سبب موجب لكونه ذا شروط ذلك الشّيء بما هى شروطه ، والعلّة الموجبة للذّات المؤلّفة متقدّمة عليها بحسب وجوب الوجود المحمول تقدّما بالعليّة وثبوتها الرّابط عن ثبوتها الرّابط تأخّرا بالمعلوليّة ؛ فإنّ كون الشّيء ذاتا مؤلّفة علّة موجبة لكونه ذا علّة موجبة للذّات المؤلّفة ؛ وكذلك كون الشّيء ذا الشّيء الّذي له ذات مؤلّفة علّة موجبة لكونه ذا تلك العلّة الموجبة لتلك المؤلّفة بما هى علّة موجبة لها.
فإذن ، المتقدّم بالذّات بحسب التقرّر والوجود المحمول ، أىّ ضرب كان ، من أضرب التّقدّم بالذّات ، قد صار ثبوته الرّابط ، أى انتسابه إلى شيء متأخّرا بالمعلوليّة عن الثّبوت الرّابط لما هو المتأخّر عنه فى نفسه بالماهيّة أو بالطبع أو بالعليّة ، أى : انتسابه إلى ذلك الشّيء بعينه.
<١٧> تبيين
يقال : إنّ السّبق الرّتبىّ هو كون أحد الشّيئين بالنّسبة إلى مبدأ محدود أقرب من الآخر ، وهو المسبوق. ويرام أنّه كون الشّيء نفس المبدأ المحدود أو أقرب إليه. فالسّابق بالرّتبة على الإطلاق هو المبدأ الّذي يضاف إليه أشياء اخر ، فيكون بعضها أقرب منه وبعضها أبعد ، مثل الجنس الأعلى فى حكم الجنسيّة والنّوع السّافل فى حكم النّوعيّة.
وأمّا بعد المطلق فالسّابق هو أقرب المنسوبين إلى ذلك المبدأ منه ؛ فإنّ ما هو أقرب الاثنين منه فهو أقدم فى المرتبة ، مثل الجسم ، فإنّه يتقدّم على الحيوان إن