بالرّتبة الطبيعيّة إذا وقع الابتداء من المعلول] فيكون فيه قبليّة بالعلّيّة وبعديّة بالرّتبة طبعا.
فالمقدّمة بالقياس إلى القياس متقدّمة بالطبع وبالمرتبة الطبيعيّة جميعا ؛ فإنّ النّظر هناك فى المقدّمة ليس بحسب نفسها ، بل بحسب استعمالنا إيّاها فى التعليم.
ونحن نتناول المقدّمات مرّة على طريق التّحليل ومرّة على طريق التّركيب. فإن سلكنا مسلك التّركيب كانت المقدّمات قبل القياس ، وإن سلكنا سبيل التّحليل ، بأن فرضنا ، أوّلا ، النّتيجة وطلبنا وسطا انعقد لنا القياس بعد النّتيجة. ولأنّ أخذ الوسط بين الطرفين على أنّه مشترك بينهما قبل تخصيصه بأحدهما ، حتى تحصل إحدى المقدّمتين بصفة ؛ وبالآخر حتى تحصل الاخرى بصفة ، فيكون القياس منعقدا لنا أوّلا ، ثمّ نتدرّج منه إلى اعتبار مقدّمة ما حافظ. وكذلك الأمر فى الهجاء والحروف.
فإذن ، التّرتيب الواحد يكون موضوعا للتركيب والتّحليل. والمتقدّم بحسب التّركيب فى المرتبة غير المتقدّم بحسب التّحليل. وذلك بحسب استعمالنا المقدّمة. وهى وإن كانت متقدّمة بالطبع من حيث نفسها ، فليست متقدّمة من حيث الانتهاء إليها بالتّحليل ، بل هى متأخّرة بالرّتبة طبعا بحسب التّحليل ، ولا تقدّمها بالرّتبة طبعا من حيث الابتداء منها بالتّركيب هو عين تقدّمها بالطبع ، من حيث نفسها. فلها بحسب نفسها تقدّم بالطبع وبحسب التّركيب تقدّم بالرّتبة الطبيعيّة. على أنّا فى اعتبار التقدّم فى المرتبة لا نولّى وجوهنا شطر الالتفات إلى حال الشّيء بحسب نفسه أو إلى حاله من جهة استعمالنا إيّاه ، بل إنّما نلتفت إلى حال نسبته إلى طرف اتّخذناه مبدءا.
والمقدّمات المنتظمة من الفطريّات الأوائل وما يجرى مجراها إلى النّتيجة القصوى المقصودة منتظمة بين طرفين هما النّتيجة والمبدأ الأوّل. فما هو أقرب منها فهو أبعد منها وما هو أقرب منه فهو أبعد منها. فقد يختلف مقدّمتان فى القرب