والبعد من أحد الطرفين ويكون حكمهما بالقياس إلى الطرف الآخر على الخلاف. فأقربهما من الطرف الأوّل أبعدهما من الطرف الآخر وبالعكس.
<١٨> تكملة اختتاميّة
المعنى الّذي فيه السّبق فى التّقدّم بالكمال والشّرف هو نفس المعنى المجعول ، كالمبدإ المحدود ، لا التّرتيب بحسب القرب والبعد منه ، كما دريت فى السّبق بالرّتبة الحسّيّة أو العقليّة. فإذا كان لأحد الشّيئين من ذلك المعنى ، أى : من نفسه ، ما ليس للآخر ، وليس للآخر منه إلاّ ما لذلك الأوّل ، بل إلاّ عضة ممّا له ، كان هو متقدّما بالكمال والشّرف على ذلك الآخر. فالمتقدّم بالشّرف هو الفائق الفاضل بل الزّائد بالكمال ولو فى معنى ما غير الفضل والشّرف.
ومن هذا القبيل ما جعلوا المخدوم والرّئيس قبل بالشّرف ؛ فإنّ للرئيس من الاختيار ما ليس للمرءوس ، وليس للمرءوس منه إلاّ بعض ما للرّئيس. فهذا المعنى بحسب نفسه أمر محصّل معدود من أقسام السّبق. وهو غير القسم الّذي يتسبّب هو له أكثريّا ، أعنى السّبق بالرّتبة ، كالتّقدّم المكانىّ فى المحافل غالبا ؛ فإنّه سبق بالرّتبة الحسّيّة. وأكثر ما يكون سببا له إنّما هو السّبق بالشّرف ، أعنى الزّيادة فى الفضل والكمال ، أى فى نفس المعنى الّذي فيه السّبق. وربّما يكون هو سببا للتقدّم الزّمانىّ ، كما يقصد إلى السّابق فى الكمال على شيء أولا ، أى فى زمان متقدّم ، ثمّ إلى الشّيء المسبوق به ، بل فيه أخيرا ، أى : فى زمان متأخّر.
فإذن ، سقط ما يتوهّم ، من إرجاع السّبق بالشّرف إلى السّبق بالرّتبة أو السّبق بالزّمان. وظهر أنّ كلّ ما هو أزيد فى معنى ما من شيء آخر ، فهو أسبق منه بالشّرف والكمال إذا جعل نفس ذلك المعنى بحسب الثّبوت لهما ، كالمبدإ المحدود. ولذلك ما إنّ المتقدّم بالشّرف من جهة ربّما يكون متأخّرا بالشّرف من جهة اخرى بالقياس إلى شيء بعينه.
وإذ قد نفضنا النّفس نفضا ورفضنا الوهم رفضا ، فومضت لنا بارقة الحقّ