تساوى أجزاء الزّمان بالماهيّة وتشابههما بالحقيقة يأبى تخصّص بعضها بالعليّة وبعضها بالمعلوليّة ، تامّة كانت العليّة أو ناقصة ، بل لأنّ الزّمان واحد شخصىّ متّصل موجود فى وعاء الدّهر بوحدته الشّخصيّة وهويّته الاتّصاليّة. وكذلك الحركة. وليس له جزء أصلا ما لم يعرض له فى الوهم أن يصير مجذوذ الاتّصال بالتّحليل الوهمىّ.
فإذا اوجد الذّهن حدثت فيه أجزاء وهميّة يحكم العقل أنّها مجتمعة الوجود فى وعاء الدّهر ، وإن كانت متعاقبة فى افق الكون والتّغيّر من غير أن يكون بينهما تسابق ذاتىّ وترتّب عليّ ومعلوليّ ، كما لا يكون ذلك بين الأجزاء المقداريّة الوهميّة لسائر المقادير المتصلة أصلا.
فإذن ، سبق بعضها على بعض ليس إلاّ بحسب تعاقبها فى افق التّقضّى والتّجدّد. وذلك من طباع الكميّة اللاّاستقراريّة الّتي هى نفس ماهيّة الزّمان لا غير ، لا بحسب العلّيّة والمعلوليّة.
وبالجملة ، الأجزاء المقداريّة للكم المتّصل الواحد الشّخصىّ لا يكون بعضها عللا وبعضها معلولاته. وهل يصحّ أن تتحد العلل والمعلولات فى الوجود (١٨١) وأن يتخلل إليهما هويّة شخصيّة واحدة. ثمّ كون الزّمان أمرا ليس هو وراء الحركة ممّا قد أبطلناه فى الأقوال السّابقة.
<٨> ظنّ وتحقيق
إنّ رهطا من شركاء الصّناعة يظنّون أنّ سبق أجزاء الزّمان بعضها على بعض ليس إلاّ السّبق الرّتبىّ ؛ إذ ليس هناك جزء بالفعل أصلا. والأجزاء الوهميّة المعروضة المتشابهة ليس بعضها بالقبليّة وبعضها بالبعديّة أولى من العكس ، نظرا إلى ذات الزّمان ، بل إنّما ذلك بالنّظر إلى غيره ، أى بحسب القرب والبعد من مبدأ محدود ، وهو الآن المفروض.
فإذن ، إنّما تعتبر القبليّة والبعديّة بالنّسبة إلى الآن الوهمىّ الدّفعىّ والزّمان الّذي حواليه ممّا قرب منه من أجزاء الماضى فهو بعد وما بعد عنه فهو قبل. وفى