فلو قيل : إنّ لها ضدّا ليس يمكن أن يتمثّل فى وجود أو وهم أبدا ، كالعدم بما هو عدم ، لا بما هو أحد المعقولات ؛ أى لا من حيث إنّه مفهوم السّلب مضافا إلى طبيعة الوجود ، بل بما يقال : إنّه مصداق هذا المفهوم ، أعنى انتفاء الذّات فى نفس الأمر ، لا مفهوم انتفاء الذّات فى نفس الأمر ؛ لم يكن موجب ما ادّعى لزومه ؛ ثمّ عروض الشّيء لضدّه غير مستبين الفساد ؛ فالأحرى الاقتصار على الاجتماع فى المعروض.
<٦> لحاقة
فإذن طبيعة الوجود مخالفة للمعقولات غير منافية لها ، إذ كلّ معقول معروض لمطلق الوجود فكيف ينافيه.
وإن أشكل عليك الأمر فى العدم ، فإنّه من المعقولات والوجود مناف له. قيل لك: أما استبان لديك : أنّ العدم المطلق يعرضه الوجود بما هو مفهوم ثابت فى الذّهن ، وهو السّلب المطلق المعقول مضافا إلى ماهيّة ما مقولة ، لا بما هو انتفاء الذّات مطلقا ، وهو مصداق هذا المفهوم. ومن المستحيل أن يرتسم فى عين أو وهم ؛ وإنّما يحمل عليه مفهوم ما بعقد غير بتّىّ على السّبيل المسلف بالذّكر. فما هو إحدى حاشيتى المنافاة إنّما هو مفهوم العدم (٣٣) المطلق بما يجعله الذّهن عنوان الانتفاء المستحيل أن يتمثّل فى الأعيان والأوهام ؛ ومعروض مطلق الوجود هو بما هو مفهوم مرتسم فى العقل.
وهذا القول يطّرد فى العدمات الخاصّة بآحاد أنحاء الوجود أيضا ؛ إذ التّحليل إلى الحيثيّتين على هذا القياس يتأتّى فى رفع كلّ نحو من أنحاء الوجود عن ذات ما بحسب لحاظ العقل ، إلاّ أنّ هناك سبيلا أخر أيضا ، حيث إنّ العدم الخاصّ له بخصوصيّة حظّ ما من الوجود. ولهذا ما إنّه يفتقر إلى موضوع خاصّ كما يفتقر الملكة إليه. ثمّ مطلق الوجود المتحقق بنحو ما من أنحاء وجود الشّيء يقابله العدم المطلق المساوق لرفع جملة الموجودات.
وقد يجتمعان لا باعتبار التّقابل ، كما فى تصوّر المعدوم المطلق ، إذ قد انسلبت