عنه جميع الوجودات فى هذا الاعتبار ، مع أنّ هذا الاعتبار بعينه ، نحو وجود له ، ويعقلان معا ، لأنّ تصوّر العدم المطلق ـ وهو الرّفع المضاف إلى مطلق الوجود ـ لا ينسلخ عن تصوّر ما أضيف إليه بأنّه رفعه ويعرض أحدهما الآخر ؛ فإنّ العدم المطلق متصوّر ، والتّصوّر فرد من أفراد مطلق الوجود ، فقد عرضه بحسبه مطلق الوجود وإن كان العدم ليس عدما بما هو متصوّر ، بل بما هو سلب للذّات ورفع للوجود. ولنعطف الآن إلى النظر بما يهمّنا من أحوال العدم.
<٧> مدخل استبيانيّ وردع برهانىّ
ألست قد تعرفت : أنّ فعليّة الماهيّة ـ أعنى مرتبة نفسها الصّادرة عن الجاعل ، كالإنسانيّة ـ متقدّمة على مرتبة الموجوديّة المنتزعة ، وأنّه إذ لا جعل للماهيّة ؛ لا أنّه لا وجود للماهيّة ، كما يحسبه الظّانّون. فاحكم بأنّ السّلب كما يتعلّق بمرتبة الوجود كذلك يتعلّق بمرتبة التّقرّر والفعليّة ، وهو سلب نفس الماهيّة بحسب قوامها فى نفسها ؛ بل سلب الماهيّة هو الّذي يستتبع سلب الوجود على قياس التقرّر والوجود.
فإن لجّ لاجّ : أنّ الرّفع مقصور البتّة على الإضافة إلى الثبوت ، فإن أضيف فى ظاهر الأمر إلى شيء رجع عند التّحقيق إلى ثبوته.
فاستفت وقل : فما الّذي هو بإزاء إبداع الجاعل نفس الماهيّة ، وما المقابل للأثر المترتّب على ذلك الإبداع أوّلا وبالذّات؟ وهل يستلزم عدم الجعل البسيط إلاّ رفع ما هو متعلّقه وأثره؟ وأ هذا الحجز بالنّسبة إلى لفظ الرّفع بحسب الاستعمال فى الصّناعة؟ أو هو ضدّ حقيقة السّلب المساوق لما يستفاد من مطلق كلمة النّفى عن غير الموجوديّة المصدريّة؟ وكيف يكون ما يخرج من اللّيس المطلق والسّلب البسيط هو نفس الماهيّة ، وما هو المسلوب ليس إلاّ الموجوديّة.
وليت هذا اللاّجّ يقلّد أتباع المشّائيّة على أنّ أولئك لا يصحّ لهم أيضا ذلك ؛ إذ هم يفقهون مرتبتى الفعليّة والوجود ، ويفرّقون بين الأحكام بحسبهما.