<١٠ > أصل فيه شكّ وإزاحة
العدم كما أنّه يعرض لغيره فكذلك يصدق على نفسه اشتقاقا ، فإنّ العقل يتصوّر العدم المطلق ويحكم بأنّه معدوم فى الخارج.
ولعلّك تقول : فإذن يحصل بإضافة العدم إلى نفسه عدم العدم ويكون مقابل العدم ونوعه. وبينهما تدافع ؛ لأنّ النّوعيّة توجب حمل ما هو الجنس على ما هو النّوع مواطاة ، وعلى ما يحمل عليه النّوع مواطاة واشتقاقا ذلك الحمل بخصوصه.
فما أظهر أنّ عروض النّوع بل الأخصّ مطلقا بشيء يلزمه عروض الجنس أو طبيعة الأعمّ مطلقا له ، بل إنّ عروضه هو بعينه عروضه. وما أشدّ سخافة وهم من يتوهّم أنّ النّوعيّة بحسب حمل المواطاة ومقتضاها الصّدق بحسبه ، والتّقابل بحسب الحمل الاشتقاقىّ على ثالث ، وسبيله امتناع الاجتماع بحسبه فى ذلك الثّالث.
فيقال لك : هذا أيضا ممّا تنحلّ عقدة الإعضال فيه بأنامل ما أصّلناه فى قسطاس الفرديّة ، وهو من مستصبات الشّكوك المعضلة.
أفليس لك أن تجد ـ إن حكمت بالقسطاس ـ أنّ عدم العدم فرد من أفراد العدم باعتبار طبيعة أنّه طبيعة العدم من قيد «لا» من حيث خصوص القيد فى نحو لحاظ التّعيّن والإبهام ، فإنّه من حيث تلك الخصوصيّة هو هذا الفرد بخصوصه ، وهو شيء هو غير طبيعة الفرد فى ذلك اللّحاظ ومقابل له من حيث الخصوصيّة لا من جهة مطلق الفرديّة.
ولا أظنّ بك أن تشكّ فى ما تحكم به فطرة العقل ما لم يكن سقيم الطّباع. وهو أنّ التّدافع إنّما هو بين التقابل وسنخ مطلق الفرديّة ، لا بينه وبين التّخصّص بخصوصيّة هذه الفرديّة على التّميّز من غير أن يجعل النّظر إليها مخلوطا بلحاظ سنخ الفرديّة غير متميّز عنه وإن كان ذلك السّنخ وهذه الخصوصيّة متخالطين فى الوجود. فهذا سبيل اختلاف الحيثيّة التّقييديّة فيه ، فلا تكن من القاصرين.