<١١ > أوهام يزعم أنّها تفصّيات
هل بلغك حديث من يتمنّى التّفصّى ، فيسرد أنّ موضوع التّقابل هو مسمّى لفظ عدم العدم ، وهو لا عدم ، لا أنّه عدم ، فليس من أنواعه ، وموضوع النّوعيّة نفس مفهومه ، وهو ما عيّن مسمّاه به فى الذّهن. والمسمّى قد يتناول ما عيّن هو به ، وهو الحاصل منه فى الذّهن كالمفهوم ، فيطلق اللّفظ الموضوع للمسمّى عليه حقيقة ، وقد لا يتناوله ، كاللاّمفهوم ، إذ ما يحصل منه فى الذّهن مفهوم ، فيطلق عليه اللّفظ الموضوع لمسمّاه المقابل للمفهوم على سبيل التّوسّع. فلفظ عدم العدم يطلق على مفهوم فى الذّهن ، وهو العدم المضاف إلى نفسه توسّعا ، وعلى مسمّاه الّذي هو موضوع التّقابل ، وهو اللاّعدم حقيقة ، فيختلفان.
ولست أدرى كيف يفرّق بين المسمّى والمفهوم ، أينسى ما حصّله أهل التّحصيل أنّ الألفاظ إنّما توضع للصّور الذّهنيّة بالذّات وللحقائق الّتي تلك عنوانات لها بالعرض؟ وأيجوز إهمال حيثيّتى الحملين وتذكّر أنّ شيئا لا يسلب عن نفسه ، وكلّ مفهوم يحمل على نفسه الحمل الأوّلىّ الذّاتىّ ، ثمّ طائفة من المفهومات تحمل على أنفسها الحمل الشّائع الصّناعىّ أيضا. ولذلك اعتبر فى وحدات التّناقض وحدة الحمل فوق الوحدات الثّمان.
وهل أتاك نبأ من يتصدّى لسدّ ثغور الحكمة ويقوم بإصلاح شأن الفلسفة ، ثمّ يقول فى دفع هذا الإعضال أنّ النّوعيّة من حيث إنّه عدم مقيّد والتّقابل من حيث إنّه رفع للعدم ولا يقرنه بما يكثّر الجهة ، وإنّه لا يجبّ عرق الشّبهة إلاّ تكثير الحيثيّة التّقييديّة الموقعة تكثّرا فى ذات الموضوع دون التّعليليّة الغير المجدية لتحصيل الكثرة فى ما يحوج الأمر إلى تكثّره.
وأسمعت الّذي يتقضّى (١) : بأنّ العارض للعدم هو حصّة من العدم محصّصة تحصّص العارض بالمعروض ، وهذا لا يقابل العدم ، بل هو نوع منه ومعروضه
__________________
(١). المحقق الدّوانىّ.