فصل [ثان]
فيه إشباع العقول فى تحقيق الجعل والحمل وما يلتصق بذلك
<في الفصل الثاني سبعة عناوين>
<١> إخاذة فى تحديد حريم المتنازع فيه
الجعل : إمّا بسيط ، وهو جعل الشّيء وأثره التّابع له نفس ذلك الشّيء ويتقدّس عن تعليق شيء بشيء ، ولا يكون بحسبه إلاّ مجعول فقط يبدعه الجاعل ويفيض نفسه ، ويعبّر عن تلك المرتبة المجعولة بتقرّر الذّات وقوام الماهيّة وفعليّتها ؛ وإمّا مؤلّف ، هو جعل الشّيء شيئا وتصييره إيّاه وأثره المترتّب عليه هو مفاد الهيئة التّركيبيّة الحمليّة ، ولا يتعلّق بشيء واحد ، بل له مجعول ومجعول إليه ، وهو إنّما يتعلّق بصيرورته إيّاه.
وما يظنّ : «أنّه لم يخل ذلك من الانتهاء إلى جعل بسيط إمّا لنفس الصّيرورة أو الاتّصاف أو اتّصاف الاتّصاف أو لمفهوم ما فى بعض المراتب» ساقط بأنّ النّسبة الّتي هى الصّيرورة أو الاتّصاف فى هذا النّحو من الجعل إنّما يلحظ بين المجعول والمجعول إليه على أنّها مرآة لمخلوطيّة أحدهما بالآخر ، لا على أن يتوجّه الالتفات إليها برأسها ، وإنّما دخولها فى متعلّق الجعل بالعرض من تلك الجهة. فإذا لوحظت على الاستقلال بالالتفات من حيث إنّها ماهيّة ما انعزل النّظر حينئذ عن الطّرفين إلاّ بالعرض ، وانصرم متعلّق الجعل المؤلّف ، وعاد الحكم بأنّ هذه الماهيّة : هل تفتقر فى نفسها إلى جاعل يفيضها ، أو تستغنى ، لأنّ شأن الماهيّات الاستغناء بحقائقها التّصوّرية