إليه ويساق إلى أن تحصل أزمنة إلى لا نهاية ، وهو بيّن الاستحالة.
فاعلم أنّه إذا اتّحد النّوع والمحلّ فيما له محلّ ، فلا فارق إلاّ الزّمان. وإذا كان الزّمان ممتنع العود فما تخصّص به كذلك أيضا.
(٥) ومنها : أن لو صحّ أن تعاد تلك الهويّة بشخصيّتها لم يكد يمكن الجزم بأنّ الحادث فى هذه النّشأة وفى كلّ نشأة إنّما هو شيء مستأنف أفاضه جود القيّوم الواجب بالذّات على الابتداء ، بل كلّ حادث قيل : إنّه ابتدائىّ أمكن أن يقال : إنّه إعادىّ. وهكذا فيما قبله فى القرون الخالية. وذلك أعظم الجوادّ لطريق التّناسخ.
(٦) ومنها : أنّ إعادة الهويّة الشّخصيّة إنّما تتصوّر لو اعيدت أجزاء علّتها التّامّة الّتي اقتضتها ، واستعداد المادّة لها بخصوصه وغير ذلك من مصحّحات تلك المعلوليّة ومتمّمات تلك العلّيّة ، إذ لو لم تكن العلّة هى تلك بعينها والاستعداد هو ذلك بعينه لم تكن الهويّة المعادة هى تلك الّتي كانت بعينها. أفيستند الشّيء الشّخصىّ إلى ما هو غير علّته بعينها ، فينكشف من ذى قبل فساده إن شاء اللّه.
وكيف تعاد (٤٥) الهويّة الشّخصيّة من غير استعداد المادّة لذلك ، أو كيف تستعدّ المادّة لهويّة هى غير تلك المبتدأة السّابقة وتكون المعادة الفائضة عليها بحسب ذلك الاستعداد هى تلك بعينها. فلو لم يكن الاستعداد والعلّة بما هما بعينهما لم يكن المعاد المفروض إعاديّا ، بل إنّما يكون استينافيّا على المماثلة للابتدائىّ السّابق ، ويتوهّم أنّه إعادىّ على العينيّة ، فإذن ، إنّما تكون له هويّة ما إعاديّة ، لا استينافيّة لو عادت الاستعدادات والأدوار والحركات والأوضاع.
وبالجملة ، جملة ما سبقت فى النّظام الجملىّ ممّا توقّفت عليه تلك الهويّة فى الوجود الابتدائىّ السّابق بأشخاصها وأعيانها ، فيكون إذا اعيدت هويّة ما صار النّظام الجملىّ للكلّ من الهويات المعادة. ولعلّ غير سقيم الذّهن يقرّ بأن ذلك من أباطيل الظّنون وأكاذيب الأوهام. ولذلك ما يعدّ هذا الأصل من الفطريّات بالنّسبة إلى الأذهان المتوقّدة.