<١٩> إضاءة ضياء لإزاحة ظلام
إنّ امتناع بعض أنحاء الوجود بخصوصه بالنّظر إلى الحقيقة الواجبيّة لا يحيله كون الحقيقة قيّوما واجبا باللذّات ، بل هو الّذي يستوجبه ويحقّقه وغير مخرج للحقيقة إذا كانت ممكنة بالذّات عن حدود بقعة الإمكان ؛ إذ ليس ذلك ينافيه ، بل ربّما يحققه ويؤكّده. وكذلك امتناع بعض أنحاء العدم بخصوصه بالنّسبة إلى الماهيّة ليس يخرجها عن حدّ طبيعة الإمكان ، وبالقياس إلى الممتنع بالذّات ليس ينافيه الامتناع الذّاتىّ.
ولذلك ما إنّه يمتنع على القيّوم الواجب بالذّات ـ عزّ مجده ـ أن يكون له وجود ممكن أو وجود مسبوق بعدم أو وجود زائد لاحق ، وإنّما ذلك لخصوصيّات تلك التّقييدات ؛ ويمتنع على الماهية الممكنة أن تتّصف بالوجود الواجبىّ أو يكون لها وجود هو نفس ذاتها أو من ذاتيّاتها أو وجود غير مسبوق بالعدم سبقا بالذّات أو وجود لا يكون مسبوقا بالعدم سبقا دهريّا وسرمديّا ، على ما هو الصّراط المستقيم بالحكمة اليمانيّة. وعلى الماهيّة الممكنة الجوهريّة أن يكون لها الوجود فى الموضوع ، وعلى العرض أن يكون له الوجود لنفسه ؛ إذ وجوده فى نفسه هو وجوده فى الموضوع ، وذلك له من جهة نفس ماهيّته النّاعتيّة ، وعلى الماهيّة الغير القارّة بالذّات أعنى الزّمان أن توجد بالوجود القارّ.
ويمتنع على الزّمان بالنّظر إلى نفس ماهيّته أن ينعدم بالعدم الطّارئ ، أى العدم المسبوق بالوجود سبقا بالزّمان ؛ إذ فيه فرض عدم الشّيء مع وجوده ، وإن كان على مسلك الحكمة اليمانيّة لم يمتنع بالنّسبة إلى نفس ذاته العدم بعد الوجود بعديّة هريّة ؛ فإنّ استحالة ذلك ليست من جهة نفس ماهيّة الزّمان ، كما كان امتناع العدم الطّارئ بعد الوجود بعديّة زمانيّة من تلك الجهة ، بل إنّما هى من سبيل آخر.
وهو أنّه لا يتصوّر فى وعاء الدّهر امتداد كما لا يتصوّر فيه أيضا لا امتداد ، مثل ما هو للوجودات الزّمانيّة أو للإنيّات من الامور الّتي قبلنا فى أفق الزّمان. فلا يكون