الواقع والمتصوّر هو ارتفاع العدم عن وعاء الدّهر فقط. فالوجود يطرأ على اللّيس طرءا دهريّا.
وأمّا ما وجد فى وعاء الدّهر ، فلا يطرأ عليه العدم فيه وإن انقطع وجوده فى أفق الزّمان ، لاختصاصه بزمان معيّن هو من أوساط الامتداد الزّمانىّ ولا امتناع وجود الشّيء المعيّن بعد ارتفاع وجوده عن أفق الزّمان بحسب الواقع ، أى : امتناع وجوده من بعد ما تفهمه الجماهير من لفظة العدم الطّارئ ؛ فإنّه أيضا يؤول إلى دعوى عدم الحصول لشيء على تقدير أمر هو غير محصّل فى نفسه.
فقد قرع سمعك ما هو مرّ الحقّ فى معنى العدم الطارئ ، وسيعاد على ضرب ما من البسط إن شاء اللّه العزيز العليم ، ولىّ الفضل والرّحمة ، وإن كانت المدارك العالية الوهمانيّة غير متعوّدة الرّجعى إلى ما لم تألفه من حقائق العلم وأسرار الحكمة.
<٢١> وعد
عسى أنّ اللّه بفضله يبلغنا أتمّ النّصاب من إكمال الدّين وإتمام النّعمة بشروق شموس الحقّ وطلوع أقمار اليقين من مشارق أنوار هذا «الأفق المبين».
فنبيّن لك حيث يحين حين أن نبسط القول فى معاد النّفوس (٤٧) وكيفيّة رجوعها إلى بارئها فى النّشأتين : أنّ الحشر الجسمانيّ فى النّشأة الآخرة إنّما يكون بأن يجمع مبدعها الأجزاء المادّيّة من أجسادها الباقية بحسب المادّة ويفيض عليها صورة على مماثلة صورتها الّتي كانت هى عليها فى هذه النّشأة ، فيرجع إليها بحسب تلك الصّور تعلّق النّفوس الباقية الحيّة المجرّدة ، ويأمرها بارتجاع كلالة تلك الأجساد وارتباع ما شاءت فى المراعى الحسّيّة برعاية أحوالها على الغىّ والرّشاد ، بإذن ولىّ امورها فى المبدأ والمعاد ، على ما تنبئ عنه الآيات العزيزة فى الكتاب المجيد والأحاديث الصّحيحة فى السّنّة الشّريفة ، فترقّب إنجاز الوعد بفضل اللّه فى بعض المسافات من ذى قبل ؛ إنّى معك لرحمة ربّى لمن المترقّبين.