كان معناه من يختصّ بصفة لأجلها يصحّ الفعل منه عند ارتفاع الموانع فكيف تدّعى الضرورة في ذلك؟ وإذا رجعنا في العاجز إلى من يختصّ بصفة معها يتعذّر الفعل عليه فدعوى الضرورة فيه أيضا لا يمكن. وإذا رجعنا به إلى زوال كونه قادرا فالنفي يتفرّع عن الإثبات (ق ، ت ٢ ، ٦٤ ، ١٩)
ـ إنّ القادر يقدر على إيجاد الفعل على الوجه الذي يصحّ وجوده عليه. والمختلفان قد يصحّ اجتماعهما وكذلك المثلان يصحّ دخولهما في الوجود وليس كذلك الضدّان (ق ، ت ٢ ، ٩١ ، ١٣)
ـ إنّ القدرة تثبت بكون القادر قادرا ، وكونه قادرا يثبت بكونه محدثا وفاعلا. والطريق إلى ذلك وجوب وقوع فعله بحسب دواعيه. فإن كانت القدرة متى وجدت وجب وجود الفعل عندها فلا معنى لاعتبار الدواعي ، وكان ينبغي أن يقع الفعل مع سلامة الأحوال وإن كانت الدواعي منتفية ، وهذا لا يصحّ. فليس بعد ذلك إلّا أن يصحّ وجود القدرة وثبات كونه قادرا وليس بفاعل ثمّ يصير فاعلا عند الدواعي ، وهذا لا يتمّ إلّا على أصلنا (ق ، ت ٢ ، ١١٦ ، ٢٢)
ـ إنّ القادر لا بدّ من أن يؤثّر في تحصيل صفة لم تكن ، وهذا إنّما يتأتّى في الإحداث. فأمّا الإعدام فلا يصحّ ذلك فيه إذ ليس للمعدوم بكونه معدوما صفة. وعلى هذا الأصل قلنا للمجبرة : إذا لم يصحّ أن تكون للفعل صفة يرجع بها إلى كونه كسبا فيجب أن لا يصحّ تعليقه بالفاعل (ق ، ت ٢ ، ٢٩٥ ، ١١)
ـ إنّ القادر منّا يفعل الفعل على وجهين : أحدهما يبتديه بالقدرة في محلّها ، والآخر يفعله بواسطة من الأسباب ، وما يفعله بالسبب لا يصحّ أن يوقعه على الوجه الذي يصحّ أن يبتدئ عليه! يبيّن ذلك أن الواحد منّا لو أراد أن يبتدئ بالإصابة وتحريك الأجسام البائنة منه لتعذّر عليه ، وإن صحّ أن يفعله على جهة التوليد. ولو أراد أن يفعل الفعل على الوجه الذي يفعله بالاعتماد عند المصاكة من التراجع لتعذّر عليه (ق ، غ ٤ ، ١١٦ ، ١٣)
ـ إنّ القدر ، وإن اختلفت فإنّ مقدوراتها في الجنس يجب أن تتّفق ، وإنّما يحسب أن تتغاير مقدوراتها في الأعيان ؛ لأنّ ذلك يحقّق القول باختلافها ، لأنّا لو قلنا إنّ مقدوراتها ليست بمتغايرة في الأعيان ، لأدّى إلى صحّة كون مقدور القدر ، واحدا ، وذلك يوجب تماثلها. فإذا صحّ بما بيّناه من قبل ذلك ، وجب القضاء بأنّ قدرة اليد هي قدرة على العلم والإرادة ، وإن كان لا يصحّ وجودهما بها لكون المحل غير محتمل لها ، ولا فصل بين امتناع وجود الشيء لكون المحل غير محتمل له وبين امتناع وجوده لأجل وجود ضدّه في المحل إذا كان وجود الضدّ أولى من وجوده ، فصحّ بذلك أنّ القادر يصحّ كونه قادرا على الشيء وإن تعذّر وجوده لمنع أو غيره (ق ، غ ٤ ، ٣٣٣ ، ١٦)
ـ لسنا نحدّ القادر بأنّه الذي لا يتعذّر عليه الفعل مرسلا ، فيكون ما قدّمناه ناقضا له ؛ لكنّا نقول هو الذي لا يتعذّر عليه إيجاد مقدوره من غير منع أو وجه معقول يوجب تعذّره ؛ وهذا كقولنا إن من حق الجوهر أن يصحّ وجود العرض فيه إلّا لوجه يوجب امتناع ذلك فيه ، وكقولنا في السبب إن من حقّه أن يوجب المسبّب إذا لم يكن هناك منع أو ما يجري مجراه ، وكقولنا إن الحي هو الذي يصحّ أن يدرك إذا وجد المدرك وارتفعت الموانع ؛ وكل ذلك يبيّن أن الصفة قد