وجوب إبقاء الزرع الى البلوغ عليه مع الأجرة إن أراد
______________________________________________________
يدعي كونه عارية يجوز للمعير الرجوع فيها ، وليس له الاعتراض على المالك بأنه يعترف بكونها مزارعة ، وهي لا يجوز الرجوع فيها ، وذلك لأن عدم جواز الرجوع في المزارعة من جهة حق العامل ، والمفروض اعتراف العامل بأنه لا حق له. اللهم إلا أن يقال : انما يجوز العمل بالإقرار مع احتمال الموافقة للواقع ، لا مع العلم بالخلاف ، فاذا كان المالك يعلم بأن العقد مزارعة لا يجوز له الرجوع فيه إلا مع التقابل ، ولا يكفي اعتراف العامل بأنه عارية.
هذا بالنظر الى الحكم الواقعي الأولي ، أما بالنظر الى حكم الحاكم بنفي كل من العارية والمزارعة بعد التحالف فيجوز الرجوع عن العقد ، لا بمعنى فسخ العقد ، بل بمعنى عدم ترتيب آثار العقد ، وهذا الجواز جاء من حكم الحاكم الذي يحرم رده. والمراد من جواز ذلك أنه إذا فعله المالك فليس للعامل الاعتراض عليه ، لأن الاعتراض عليه رد الحكم الحاكم لا أنه يجوز ذلك واقعاً شرعاً. بمعنى أنه لا يؤاخذ عليه ، فان حكم الحاكم لا موضوعية له في تبديل الحكم الواقعي ، بل الحكم الواقعي على ما هو عليه ففي صحيح هشام بن الحكم : « قال رسول الله (ص) : إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان ، وبعضكم ألحن بحجته من بعض ، فأيما رجل اقتطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار » (١) فاذا حكم الحاكم للمدعي بالبينة أو اليمين المردودة لم يجز له أن يأخذ المال من المدعي عليه إذا كان يعلم ببطلان دعواه. وحكم الحاكم لا يسوغ له أكل مال الغير بغير رضاً منه.
وإن شئت قلت : حكم الحاكم تارة : يكون اقتضائياً ، وأخرى :
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى حديث : ١