وعلى هذا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب والموالاة
______________________________________________________
المقاصد ـ في شرحه ـ قال : « ينشأ من واقعة علي (ع) ، والتمسك بالأصل. والأصح الاشتراط ، لأن الضمان عقد إجماعاً فلا بد فيه من القبول. ولأن المال للمضمون له ، فكيف يملك شخص نقله الى ذمته بغير رضاه؟. وقضية علي (ع) واقعة في عين لا عموم لها. ولا أصل في هذا ، بل الأصل عدم شرعيته إلى أن يثبت ».
أقول : دعوى الإجماع على كون الضمان عقداً وإن كان يقتضيها ما عرفت من عبارة الشرائع ونحوها ، لكن خلاف الخلاف في اعتبار الرضا يوهنها جداً. بل عبارة القواعد مثل عبارة الشرائع صريحة في كونه عقداً ومع ذلك جعل اعتبار قبول المضمون له احتمالا ، فربما يدل ذلك على كون المراد من كونه عقداً : أنه عند العرف لا عند الشارع. وحينئذ يسهل المنع عن ذلك ، فان الضمان تعهد بالمال وهو ـ بمنزلة الوعد ـ قائم بنفس المتعهد. ويشير الى ذلك صحيح ابن سنان المتقدم ، حيث جعل الرضا شرطاً زائدا على الضمان ، وأنه يتحقق وإن لم يرض المضمون له. إلا أن يقال : إن الضمان ليس بمنزلة الوعد تعهداً محضاً ، وإنما هو نقل مال المضمون له من ذمة المدين إلى ذمة الضامن ، ولما كان نقله تصرفاً بمال الغير ، كان قائماً بالغير فهو عقد قائم بين الضامن والمضمون له ، كما أشار الى ذلك في جامع المقاصد. وأما صحيح ابن سنان فيمكن حمله إذاً على مجرد إيجاب الضامن وإنشائه ، كما يطلق ألفاظ سائر العقود على إنشاء إيجابها فيقال : باع زيد على عمرو فلم يقبل عمرو ، ويكون المراد من رضا المضمون له قبوله ، لا مجرد الرضا النفساني.
اللهم إلا أن يقال : الضمان عندنا نقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن. وحكي عن أبي ثور وابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود أيضاً.