لقوله تعالى ( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) (١) [١]. ولكفاية المقتضي للثبوت في صحة الضمان [٢] ومنع اعتبار الثبوت الفعلي ، كما أشرنا إليه سابقاً.
( مسألة ٣٨ ) : اختلفوا في جواز ضمان الأعيان المضمونة ـ كالغصب والمقبوض بالعقد الفاسد ، ونحوهما ـ على قولين ،
______________________________________________________
يستحق الجعل بالعمل الذي جعل له الجعل ، فان جعل للتسليم لم يستحق الجعل الا بالتسليم ، وان جعل لغيره لم يستحق الجعل الا بفعل ذلك الغير. وبالجملة : ظاهر قول الجاعل : « إن فعلت كذا فلك كذا » أن الملك يكون على تقدير العمل وفي حينه ، فلا يكون قبله ، لا منوطاً به بنحو الشرط المتأخر ، ولا غير منوط به ، فان ذلك خلاف الظاهر ، وخلاف ظاهر كلماتهم في كتاب الجعالة ، فكيف يصح البناء على ثبوته قبله وإن كان غير لازم أو غير مستقر؟! فإنه لا مأخذ له. وعلى هذا فضمان المال المذكور من ضمان ما لم يجب. وعن المختلف الاستدلال على صحة الضمان بمسيس الحاجة إليه ، فجاز ضمانه ، كقوله : « الق متاعك في البحر وعلي ضمانه ». وهو كما ترى ، فان ذلك لا يصلح لتشريع ما لم يشرع.
[١] وفيه : أن الآية إنما دلت على مشروعية التعهد على النحو المذكور ولا دلالة فيها على أنه من الضمان الذي هو محل البحث ، أو هو من قبيل الوعد الذي لا يجب الوفاء به ، فلا دلالة لها على شيء من ذلك.
[٢] هذا خلاف ما تقدم من اعتبار كون الحق المضمون ثابتاً في الذمة ، وكون الضمان نقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ، فاذا لم يكن ثبوت في ذمة المضمون عنه لم يكن ثبوت في ذمة الضامن أيضاً. فلو صح مثل هذا الضمان لم يكن من الضمان المصطلح ، بل كان بمعنى آخر.
__________________
(١) يوسف : ٧٢.