وكذا لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول [١]. ويصح الإيجاب
______________________________________________________
نفس الشراء ، كما في قوله تعالى ( كُنْ فَيَكُونُ ) (١) فيقول المشتري : قبلت ، ويتم العقد ، فيكون قوله : اشتر ، إيجاباً على الحقيقة ، وفي المقام يقول صاحب الأرض للفلاح : كن مزارعاً ، فيقول الفلاح : قبلت ، وفي باب النكاح يقول الرجل للمرأة : كوني زوجة ، فتقول المرأة : قبلت ، أو تقول هي : كن لي زوجاً ، فيقول : قبلت ، وهكذا ينشأ المفهوم الإنشائي بصيغة الأمر ، فيكون جعلا تكوينياً للمعنى الإنشائي ، ويكون إيجاباً ، فإذا لحقه القبول كان عقداً.
ويتحصل مما ذكرنا : أن الاكتفاء بالأمر في العقود يكون على أربعة أنحاء : ( الأول ) : أن يكون من باب إعمال السلطنة ، فيكون كافياً عن الإيجاب أو القبول. لا أنه إيجاب أو قبول. ( الثاني ) : أن يكون إيجاباً أو قبولا ، كما إذا كان أمراً تكوينياً. ( الثالث ) : أن يكون حاكياً عن الالتزام النفسي ودالا عليه بالدلالة العقلية ، نظير تصرف من له الخيار ، ويكون جزء العقد في الحقيقة هو ذلك الالتزام النفسي ويكون الأمر تشريعياً دالاً عليه دلالة المعلول على علته. ( الرابع ) : أن يكون مستعملاً مجازاً في معنى فعل الماضي أو المضارع ، على نحو الإنشاء لا الاخبار فيكون من المجازات المستنكرة التي لا يجوز إنشاء العقد بها.
[١] لا يخفى أن مفهوم القبول لغة وعرفاً مثل مفهوم الرضا يمكن أن يتعلق بالمستقبل كما يتعلق بالماضي ، بل قد يتعلق بالمفهوم اللحاضي من دون أن يكون له خارجية ومطابق عيني. أما القبول العقدي فلا يتعلق إلا بما هو واقع ، فاذا تعلق بما يقع في المستقبل لم يكن قبولا عقدياً ،
__________________
(١) يس : ٨٢.