فهو كما لو قال : « كل من بات في خاني أو داري فعليه في كل ليلة درهم » « أو كل من دخل حمامي فعليه في كل مرة ورقه » فإن الظاهر صحته للعمومات. إذ هو نوع من المعاملات العقلائية ، ولا نسلم انحصارها في المعهودات ، ولا حاجة إلى الدليل الخاص لمشروعيتها ، بل كل معاملة عقلائية صحيحة إلا ما خرج بالدليل الخاص ، كما هو مقتضى العمومات.
( مسألة ٣ ) : المزارعة من العقود اللازمة [١] لا تبطل
______________________________________________________
الفرض الأخير إيقاعاً وقد جعله من المزارعة المصطلحة؟! اللهم إلا أن يكون بناؤه على أن الجعالة من العقد. كما هو قول لبعضهم.
والتحقيق : أن الفروض المذكورة وكذلك الجعالة ليست من العقود إذ لم يجعل فيها للعامل عنوان من العناوين الموقوف على إعمال سلطنته وقبوله. مع أنها لو كانت عقداً احتاجت الى القبول ، وهو مفقود ، فان العمل من العامل لم يكن بقصد القبول للإيجاب ، بل كان بقصد الجري على مقتضى الإيجاب بناء منه على تمامية اقتضائه ، فلا يكون قبولا فعلياً مع أنه في الصورتين الأخيرتين وفي الجعالة قد لا يكون موالياً للإيجاب أو لا يكون مطابقاً له ، كما إذا كان العمل بقصد عوض آخر غير ما ذكر في الإيجاب ، أو كان صادراً من غير البالغ ، أو من غير الرشيد أو من غير المميز أو من المجنون الذي لا يصح قصده. ولعله لذلك قال في الشرائع في مبحث الجعالة : أنها لا تحتاج الى قبول. وإن كان ينافيه قوله بعد ذلك : « ويجوز أن يكون العمل مجهولا ، لأنه عقد جائز كالمضاربة » إلا أن يكون مراده من العقد معنى آخر ، لا ما اشتمل على الإيجاب والقبول ، وإن كان بعيداً. وكيف كان فالتحقيق ما ذكرنا.
[١] إجماعاً ـ كما عن جامع المقاصد ـ وفي المسالك : أنه اتفاق ، وفي