بحيرا الراهب
هو جرجيس ، وقيل : جرجس ، وقيل : سرجس ، وقيل : سرجيوس بن اسكندر ، وكان يلقب ببحيرا أو بحيرى ، فغلب لقبه على اسمه ، ومعنى بحيرا في اللغة السريانية : العالم المتبحّر.
كان من بني عبد القيس النصارى ، ومن رهبانهم وعلمائهم ، ويقال : كان من أحبار اليهود بتيماء.
كان مؤمنا موحدا يدعو الناس إلى الإيمان بالله ونبذ الأوثان وعبادتها ، وعرف بتضلّعه في علمي النجوم والهيئة ، ويتّهمه المسيحيون بالسحر والشعوذة.
تشرّف بلقاء النبي صلىاللهعليهوآله قبل بعثته وآمن به ، وذلك عند ما صحب النبي صلىاللهعليهوآله عمه أبا طالب عليهالسلام في سفرة إلى بلاد الشام ، وفي طريقهم إلى الشام نزلوا بمدينة بصرى من بلاد الشام ، وكان المترجم له يستوطنها ، وبها دير يتعبّد فيه ، فصادف النبيّ صلىاللهعليهوآله وعمه فيها ، وقيل : صادفهم بقرية الكفر والتي تبعد عن بصرى ستة أميال ، وكانت تدعى : دير بحيرا ، فلما التقى بالنبيّ صلىاللهعليهوآله وعمّه ومن معهما رحّب بهم ودعاهم إلى وليمة صنعها لهم.
وفي أثناء الطعام أخذ بحيرا يحدّق النظر بالنبيّ صلىاللهعليهوآله ويراقبه مراقبة دقيقة ، ويدقّق النظر في مواضع من جسمه ، فرأى فيه مشخّصات تميّزه عن سائر الناس ، فلاحظ غمامة تظله من بين جماعته ، ورأى شجرة استظل النبي صلىاللهعليهوآله وجماعته بها ، وإذا بالشجرة قد هصرت أغصانها حتى يستظلّ بها النبيّ صلىاللهعليهوآله.
فلما فرغوا من الطعام وتفرّقوا أخذ يسأل النبيّ صلىاللهعليهوآله بعض الأسئلة ، فوجدها موافقة لما عنده من المواصفات حول النبي الذي يبعث بعد عيسى بن مريم عليهالسلام وتختتم به النبوّات ، ثم جلب نظره خاتم النبوة بين كتفي النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فوجّه السؤال إلى أبي طالب عليهالسلام قائلا : ما قرابة هذا الغلام منك؟ قال عليهالسلام : ابني ، قال بحيرا : ما ينبغي أن يكون أبوه على قيد الحياة ، قال عليهالسلام : فإنّه ابن أخي ، مات أبوه وأمّه حامل به ،