للتوراة كان عزير ، وقد أحرقت التوراة من قبل نبوخذ نصر ولم يبق فينا من يحفظها ، فإن كان هذا حقّا هو عزير فليقرأ لنا التوراة ويكتبها ، فألهمه الله ذلك ، وتذكّر التوراة ، فأخذ يقرؤها لهم من أوّلها إلى آخرها ، بدون أيّ زيادة أو نقصان ، فلمّا سمعوا وشاهدوا ذلك منه ـ وهم مجتمعون حوله بدير حزقيل ـ قالوا : عزير ابن الله ، وأوّل من قال ذلك هو قورس ، ويقال : إنّ بعض يهود المدينة المنوّرة لقّبوه بلقب ابن الله.
كان يجلس مع أولاده ـ وهم شيوخ ـ وهو ابن الأربعين ، وهناك رواية تقول : إنّ عزيرا انتابه الفزع والحزن لفقدان التوراة بعد أن أحرقها نبوخذنصّر ، فأرسل الله ملكا على هيئة شيخ فأعطاه حبّة فحم فبلعها ، وقيل : شربة من الماء فشربها ، وبمجرّد أن دخلت الحبّة أو دخل الماء في جوفه تذكّر التوراة بحذافيرها ، فقام بتلاوتها وكتابتها وتدوينها ، فصدّقه وآمن به أكثر الإسرائيليّين.
قام بخدمات جليلة ، منها : إصلاح الديانة اليهوديّة من الأخطاء والانحرافات ، ودوّن الوقائع التأريخية بصورة صحيحة ومتقنة ، وأسّس كنيسة لعبادة اليهود ، وجمع أسفار التوراة ودوّنها ، وأدخل الأحرف الكلدانية عوضا من العبرانية القديمة.
ينسب إليه بعض الأسفار ، كسفر عزرا ، وسفر الأيام ، وسفر نحميا.
ولم يزل يعيش بين الإسرائيليّين معزّزا مكرّما حتّى توفّي بدمشق ، ودفن فيها.
وهناك من المؤرخين والمحققين من قال : إنّ الذي أماته الله مائة عام هو نبي الله أرميا عليهالسلام أو غيره ، وليس بعزير ، وأمّا الرواية التي ذكرناها سابقا حول وفاته ومقابلته لأمّه غير منسجمة. والله أعلم.
القرآن الكريم وعزير
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ ...) البقرة ٢٥٩.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ...) التوبة ٣٠. (١)
__________________
(١). الاحتجاج ، ص ٢٣ ؛ الاختصاص ، ص ٣٤٤ ؛ اسباب النزول ، للواحدي ، ص ٤٣ ؛ أعلام قرآن ، ص ٤٣٥ ـ ٤٣٩ ؛ أقرب الموارد ، ج ٢ ، ص ٧٧٦ ؛ الأنبياء ، للعاملي ، ص ٥٠٢ ـ ٥٠٥ ؛ البدء والتاريخ،