وروايته (١) فى مجالس ومنتديات آل حمدان ، وكان آل حمدان يكرمونه ، ويدرسون عليه ، ويقتبسون منه (٢) ونفق سوقه بحلب على حدّ قول الحافظ ابن حجر ـ رحمة الله عليه (٣) ـ.
ومع محبته للعلم ، وجهده فى تحصيله ، وسماعه على العلماء ، وعلوّ إسناده فى القراءات ؛ لأنّه الآخذ المكثر عن ابن مجاهد ... وغيره كان عسير التّحديث والإسماع ، فقد روى السّيوطى عن أبي عمرو الدّانى قال : «سمعت فارس بن أحمد يقول : لم يكن ابن خالويه يمكّن أحدا من أخذ القراءة عليه ، وقد كلّمه صديق له ليأخذ عنه ابنه فأبى ، فلما كان بعد مدّة دخل عليه ابن صديقه فقال له : أقرأ فأخذ عليه من سورة (المزّمّل) إلى آخر القرآن على قراءة ابن كثير ، ثم قال له : قم فافخر على أهل حلب ، وقل : قرأت على ابن خالويه».
فيظهر أنّ ابن خالويه شغل أغلب وقته فى التأليف والمطالعة ، فكثير من مصنفاته وبحوثه يغلب عليها طابع التتبع والاستقراء ، وهذا يلزمه المطالعة المستديمة فى الكتب. ومع هذا اشتهر جماعة بالأخذ عنه ، وتميزوا بالسّماع عليه ، وأصبح منهم من كبار الأدباء والشعراء والكتّاب والنّحاة واللّغويين.
وذكروا فى ترجمة شيخ العربية أبى العلاء المعرى (ت ٤٤٩ ه) ـ على جلالة قدره ـ «أنه قيّد اللّغة على أصحاب ابن خالوية» (٤).
قال القفطىّ (٥) : «ولما كبر أبو العلاء ووصل إلى سنّ الطلب أخذ العربيّة عن قوم من بلده كبنى كوثر أو من يجرى مجراهم من أصحاب ابن خالويه» وذكر ياقوت
__________________
(١) تحفة الأديب : ١ / ١٧١.
(٢) وفيات الأعيان : ٢ / ١٧٨.
(٣) لسان الميزان : ٢ / ٢٦٧.
(٤) تحفة الأديب : ١ / ١٧١.
(٥) إنباه الرواه : ١ / ٤٩.