فالجواب فى ذلك : أن الأصل فى ماء : موه فاعلم؟ فاء الفعل ميم ، وعينه واو ، ولامه هاء ، فقلبوا من الواو ألفا ؛ لتحركّها وانفتاح ما قبلها فصار : ماه ، ثم قلبوا من الهاء همزة كما تقول : هرقت وأرقت فصارت ماء ، فلما جمع ردّ إلى الأصل ؛ لأن الجمع يقل استعماله بمنزلة التصغير إذا قلت : مويه ، ورد فى التكسير إلى الأصل ، كما رد فى التّصغير ؛ لأن التكسير والتصغير من واد واحد ، والواحد لما كثر استعماله خفّف بالقلب ، فاعرف ذلك فإنه حسن.
فالماء : الماء هو المشروب قال الله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) [الرّعد : ١٧]!
والماء : المنىّ ـ ممدود ـ ، الذى منه الولد ، قال الله تعالى : (مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) [الرّعد : ١٧].
والماء أيضا : القرآن ؛ قال الله تبارك وتعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) المرسلات : ٢٧ مثل ضربه الله للقرآن.
والماء أيضا : رونق الشّىء وحسنه وبريقه ، يقال : ثوب له ماء.
والمال أيضا : المال ، قال الله تعالى : (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) أي : أكثرنا أموالهم. قال الفرّاء : والعرب تقول : الما للمال حذفت لامه ؛ لأنّه معلوم حيث يكون الماء ينبت المال.
و «ما» مقصور ينقسم خمسة وعشرين قسما قد أفردت له كتابا».
وقال فى إعراب القراءات : ٢ / ٢٧٣ : فى إعراب قوله تعالى : [غافر : ٥٨](وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) قال : «قال ابن خالويه : والوقف على (وَلَا الْمُسِيءُ) وقف عليه ابن مجاهد ، ثم تبتدىء (قَلِيلاً) لأنّه ينتصب (قَلِيلاً) ب (تَتَذَكَّرُونَ) و (ما) صلة ، هذا قول معمر. وقال آخرون : يجعل «ما» مصدرا مع الفعل ؛ أي : قليلا تذكّرهم ، وهذا قد أحكمناه فى كتاب «الماءات».