قال :(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (١).
وهي الحكمة المعبّرة عنها تارة ب «القرآن» ، وتارة ب «النور» (عند (٢) العرفاء) ، و (٣) ب «العقل البسيط» (عند الحكماء) (٤) ، وهي من «فضل اللّه» وكمال ذاته ورشحات وجوده.
آتاها اللّه لمن اختاره واصطفاه من خواصّ عباده ومحبوبيه ؛ لا ينالها أحد من الخلق (٥) إلّا بعد تجرّده عن الدنيا وعن نفسه بالتقوى والورع والزهد الحقيقي والانخراط في سلك المقرّبين من (٦) ملائكته وعباده الصالحين ، حتّى يعلّمه اللّه من لدنه علما (٧) ويؤتيه الحكمة وخيرا ، ويحييه حياة طيّبة وجعل له نورا يمشي به في ظلمات الدنيا :(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ). (٨)
واعلموا أنّ المباحث الإلهيّة والمعارف الربّانيّة في غاية الغموض ، دقيقة المسلك ، لا يقف على حقيقتها إلّا واحد بعد واحد ، ولا يهتدي إلى كنهها إلّا وارد بعد وارد ؛ فمن أراد الخوض في بحر المعارف الإلهيّة والتعمّق في الحقائق الربانيّة ، فعليه الارتياض بالرياضات العلميّة والعمليّة واكتساب السعادات الأبديّة ، حتّى يتيسّر (٩) له شروق (١٠) نور الحق وتحصيل ملكة خلع (١١) الأبدان (١٢)
__________________
(١) سورهء بقره ، آيهء ٢٦٩ : (... وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).
(٢) لك ، چ : وعند.
(٣) مش ١ ، لك : ـ و.
(٤) مش ٢ ، لك ، مش ١ ، چ : ـ عند الحكماء.
(٥) دا : يخلق.
(٦) آس ، چ ، لك ، مش ١ : عن.
(٧) (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (سورهء كهف ، آيهء ٦٥).
(٨) سورهء انعام ، آيهء ١٢٢.
(٩) آس ، مش ١ ، دا : تيسّر.
(١٠) لك : شرف.
(١١) دا : ضلع.
(١٢) أصل : الأنداد. «الحكيم المتأله هو الذي يصير بدنه كقميص يخلعه تارة ويلبسه أخرى» (سهروردى ، المطارحات ، ص ٥٠٣ ، ط : كوربن).