الفصل الثالث
علم الأمراض النسائية والتوليد
القرآن الكريم ، على خلاف جميع الآراء الفلسفية والمذهبية والعادات التي كانت سائدة ، وعلى خلاف الكثير من الآراء والعادات المتأخرة. فهو يجلّ المرأة ويعتبرها كالرجل في الحقيقة وفي الذات (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) (١).
وقد حمل القرآن ـ في أكثر ما حمل ـ الخير للمرأة المسلمة التي كانت من قبل ضائعة بين أنياب الجاهلية! والعادات القبلية في الشرق! والقوانين الزمانية في الغرب؟
ولقد حارب القرآن فكرة أنّ المرأة يحسن التخلص منها وهي وليدة ؛ فحارب عادة الوأد التي كانت معروفة في حياة بعض القبائل حربا لا هوادة فيها ؛ وعالج هذه العادة بنفس الروح التكريمية الخالصة التي ينظر بها إلى البشر ، وهو يقول عن يوم القيامة : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٢) ..
فجعل هذا موضوع سؤال استنكاري بارز ظاهر في ذلك اليوم الرهيب.
وحين منح المرأة حقوقها الروحية والمادية ، كان ينظر إلى صفتها الأنسانية ، ويسير مع نظرته إلى وحدة الانسان : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) (٣) ..
وكان يريد رفعها إلى حيث يجب أن يكون شطر (النفس) الواحدة.
ومن هنا نجد أنّ القرآن الكريم قد وضع هذه القضية على أساس الوحدة ..
__________________
(١) سورة الروم : الآية ١٢٤.
(٢) سورة التكوير : الآية ٨ و ٩.
(٣) سورة النساء : الآية ١.