الموضوع الثاني
«العش الإلهي»
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (١).
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (٢).
العش الإلهي القويم الذي اعد لاحتضان الجنين هو عش متقن ومتكامل وعجيب الصنع والخلقة ، ويختلف كثيرا عن عش الزوجية أو أعشاش الطيور والولادة.
هذا العش الأمين الهادىء له خطوط دفاعية قوية ومنسقة تقوى على تحمل الصدمات حين تقف عظام الحوض في الخط الأول ، بينما تقف عضلات البطن وجدار الرحم المطاطي في الخط الثاني ، وفي الداخل يقف السائل (الأمينوسي) شامخا بقوة فيمنع الضغوط والصدمات الخارجية ويجعلها أقل تأثيرا.
أما الاشراف على هذا العش العجيب ، فتقوم به الهرمونات المختلفة التي تعتبر العقل المدبر له ، فهي المسؤولة عن المراقبة والتدقيق والاشراف العام.
وفيما يتعلق بتهيئة الغذاء ـ كمّا ونوعا ـ فتقع مسؤوليته على عاتق مؤسسة مختصة بالنقل والتوزيع والانتاج تسمى المشيمة والحبل السري.
وهنا تتجلى عظمة الخالق المصور الذي جعل من هذا العش مستقرا منيعا يتمتع بكافة الامكانيات والقدرات التي تفوق تصورات البشر العقلية ، بحيث استحق أن يطلق عليه اسم (القرار المكين).
ولنبدأ الآن بكشف عناصر الاشراف والمراقبة (الهرمونات) ومحاولة سبر أغوار وأسرار هذا ـ القرار المكين ـ منذ أن استقرت فيه البيضة الملقحة.
__________________
(١) سورة المرسلات : الآية ٢٠ ـ ٢١.
(٢) سورة المؤمنون : الآية ١٢ ـ ١٣.