وهنا نتساءل : كيف أنّ هذه الخلايا المتماثلة تخصصت من تلقاء ذاتها لتعطي مراكز الاحساس والشعور والعاطفة ، والمراكز العصبية الاخرى ، وكذلك مختلف الأعضاء والأجهزة ، علما بأنّ هذا التخصص والتكامل يحصل والجنين لا يزال صغيرا جدا ، إذ لا يزيد طوله على (٣٠) ملم ووزنه (٢ ـ ٣) غم عند نهاية الاسبوع السابع؟!
بعد عملية التخلق وإعجازاتها تنقلنا الآية الكريمة إلى حكمة إلهية اخرى تمس مستقبل البشرية كافة. ويتجلى فيها الحب والعطف واللطف الالهي بأسمى وأجمل معانيه ، وهي : أنّ الله وحده هو الذي يقرر ما يشاء في الأرحام : ذكرا كان أم انثى ، ولمدة محدودة لا يعلمها إلّا هو.
وصدق الله العلي العظيم عند ما قال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (١).
* * *
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٥.